قال: لا، قلت: فالنبى- صلى الله عليه وسلم- قال: لا إخاله «١» . رواه البخارى. وقوله:
«لا إخاله» أى لا أظنه، وهو بكسر الهمزة وتفتح أيضا، والخاء معجمة.
وقول الشعبى: سمعت ابن عمر يقول: ما ابتدع المسلمون أفضل من صلاة الضحى. وروى عن مجاهد قال: دخلت أنا وعروة بن الزبير المسجد، فإذا ابن عمر جالس عند حجرة عائشة، فإذا الناس فى المسجد يصلون صلاة الضحى، فسألناه عن صلاتهم فقال بدعة. وروى ابن أبى شيبة بإسناد صحيح عن الحكم بن الأعرج قال: سألت ابن عمر عن صلاة الضحى فقال بدعة ونعمت البدعة. وروى عبد الرزاق بإسناد صحيح عن سالم عن أبيه قال: لقد قتل عثمان وما أحد يسبحها، وما أحدث الناس شيئا أحب إلى منها.
وقد جمع العلماء بين هذه الأحاديث، بأنه- صلى الله عليه وسلم- كان لا يداوم على صلاة الضحى مخافة أن تفرض على أمته فيعجزوا عنها، وكان يفعلها كما صرحت به عائشة كما تقدم، وكما ذكرته أم هانئ وغيرها.
وقول عائشة:«ما رأيته صلاها» لا يخالف قولها: «كان يصليها» لأنه- صلى الله عليه وسلم- كان لا يكون عندها فى وقت الضحى إلا فى النادر من الأوقات، لأنه قد يكون مسافرا، وقد يكون حاضرا، وفى الحضر قد يكون فى المسجد، وقد يكون فى بيت من بيوت زوجاته، أو غيره، وما رأته صلاها فى تلك الأوقات النادرة، فقالت: ما رأيته، وعلمت بغير رؤية أنه كان يصليها بإخباره- صلى الله عليه وسلم- أو بإخبار غيره، فروت ذلك.
وقول ابن عمر:«لا إخاله» فتوقف، وكأن سبب توقفه أنه بلغه عن غيره أنه صلاها ولم يثق بذلك عمن ذكره. وأما قوله:«إنها بدعة» فمؤولة على أنه لم تبلغه الأحاديث المذكورة، أو أراد أنه- صلى الله عليه وسلم- لم يداوم عليها، أو أن إظهارها فى المساجد ونحوها بدعة، وإنما هى سنة نافلة فى البيوت والله أعلم.
(١) صحيح: أخرجه البخارى (١١٧٥) فى الجمعة، باب: صلاة الضحى فى السفر، من حديث مورق العجلى عن ابن عمر- رضى الله عنهما-.