للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وبالجملة: فليس فى أحاديث ابن عمر هذه ما يدفع مشروعية صلاة الضحى، لأن نفيه محمول على عدم رؤيته، لا على عدم الوقوع فى نفس الأمر، أو الذى نفاه صفة مخصوصة كما قدمناه. وقد روى ابن أبى شيبة عن ابن مسعود أنه رأى قوما يصلونها فأنكر عليهم وقال: إن كان ولا بد ففى بيوتكم.

وذهب آخرون إلى استحباب فعلها غبا، فتصلى فى بعض الأيام دون بعض، وكان ابن عباس يصليها يوما ويدعها عشرة أيام. وذهب آخرون: إلى أنها تفعل لسبب من الأسباب، وأنه- صلى الله عليه وسلم- إنما صلاها يوم الفتح من أجل الفتح، وكان الأمراء يسمونها صلاة الفتح. متمسكين بما قاله القاضى عياض وغيره: أن حديث أم هانئ ليس بظاهر فى أنه- صلى الله عليه وسلم- قصد سنة الضحى، وإنما فيه أنها أخبرت عن وقت صلاته فقط، قال: وقد قيل إنها كانت قضاء عما شغل عنه تلك الليلة من حزبه فيها.

وتعقبه النووى: بأن الصواب صحة الاستدلال به، لما رواه أبو داود من طريق كريب عن أم هانئ أنه- صلى الله عليه وسلم- صلى سبحة الضحى «١» . ولمسلم: فى كتاب الطهارة من طريق أبى مرة عن أم هانئ فى قصة اغتساله- صلى الله عليه وسلم- يوم الفتح، ثم صلى ثمانى ركعات سبحة الضحى «٢» . وروى ابن عبد البر فى «التمهيد» من طريق عكرمة بن خالد عن أم هانئ قالت: قدم رسول الله- صلى الله عليه وسلم- مكة فصلى ثمانى ركعات، فقلت: ما هذه الصلاة؟ قال: «هذه صلاة الضحى» «٣» .

واستدل به على أن أكثر الضحى ثمان ركعات. واستبعده السبكى.

ووجّه بأن الأصل فى العبادة التوقف، وهذا أكثر ما ورد من فعله- صلى الله عليه وسلم-.

وقد ورد من فعله دون ذلك كحديث ابن أبى أوفى: أنه- صلى الله عليه وسلم- صلى الضحى ركعتين، أخرجه ابن عدى.


(١) تقدم.
(٢) تقدم.
(٣) أخرجه ابن عبد البر فى «التمهيد» (٨/ ١٣٦) .