للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولما أتت عليه- صلى الله عليه وسلم- تسع وأربعون سنة وثمانية أشهر وأحد عشر يوما، مات عمه أبو طالب، وله سبع وثمانون سنة.

وقيل فى النصف من شوال من السنة العاشرة.

وقال ابن الجزار: قبل هجرته- عليه الصلاة والسلام- بثلاث سنين.

وروى أنه- صلى الله عليه وسلم- كان يقول له عند موته: يا عم قل لا إله إلا الله.

كلمة أستحل لك بها الشفاعة يوم القيامة.

فلما رأى أبو طالب حرص الرسول- صلى الله عليه وسلم- قال له: والله يابن أخى، لولا مخافة قريش أنى إنما قلتها جزعا من الموت لقلتها، لا أقولها إلا لأسرك بها. فلما تقارب من أبى طالب الموت نظر العباس إليه يحرك شفتيه، فأصغى إليه بأذنه فقال: يابن أخى، والله لقد قال أخى الكلمة التى أمرته بها فقال صلى الله عليه وسلم-: لم أسمعه. كذا رواية ابن إسحاق أنه أسلم عند الموت.

ورواه البيهقى فى الدلائل من طريق يونس بن بكير عن ابن إسحاق حدثنا العباس عن عبد الله بن معبد بن عباس عن بعض أهله عن ابن عباس فذكره «١» ، وقال البيهقى: إنه منقطع.

وأجيب عنه: بأن شهادة العباس لأبى طالب لو أداها بعد ما أسلم كانت مقبولة ولم ترد بقوله- صلى الله عليه وسلم- لم أسمع، لأن الشاهد العدل إذا قال سمعت وقال من هو أعدل منه: لم أسمع أخذ بقول من أثبت السماع. ولكن العباس شهد بذلك قبل أن يسلم.

مع أن الصحيح من الحديث قد أثبت لأبى طالب الوفاة على الكفر والشرك، كما روينا فى صحيح البخارى من حديث سعيد بن المسيب. حتى قال أبو طالب آخر ما كلمهم: هو على ملة عبد المطلب، وأبى أن يقول: لا إله إلا الله. قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: «والله لأستغفرن لك ما لم أنه عنك» فأنزل الله تعالى: ما كانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كانُوا


(١) ضعيف: أخرجه البيهقى فى «دلائل النبوة» (٢/ ٣٤٦) بسند ضعيف للجهالة فيه.