للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان معهم عبيد الله بن جحش مع امرأته أم حبيبة بنت أبى سفيان، فتنصر هناك ثم توفى على دين النصرانية. وتزوج رسول الله- صلى الله عليه وسلم- أم حبيبة بنت أبى سفيان سنة سبع من الهجرة إلى المدينة، وهى بالحبشة كما سيأتى إن شاء الله تعالى فى المقصد الثانى عند ذكر أزواجه- صلى الله عليه وسلم-.

وخرج أبو بكر الصديق- رضى الله عنه- مهاجرا إلى الحبشة حتى بلغ برك الغماد «١» ورجع فى جوار سيد القارة، مالك بن الدغنة- بفتح الدال المهملة وكسر الغين المعجمة، وتخفيف النون. وبضم الدال والغين وتشديد النون- يعبد ربه فى داره، وابتنى مسجدا بفناء داره، وكان يصلى فيه ويقرأ القرآن فيتقصف عليه نساء المشركين وأبناؤهم، ويعجبون منه. وكان أبو بكر رجلا بكّاء لا يملك عينيه إذا قرأ القرآن.

فأفزع ذلك أشراف قريش من المشركين فقالوا لابن الدغنة: إنا قد خشينا أن يفتن نساءنا وأبناءنا، فانهه، فإن أحب أن يقتصر على أن يعبد ربّه فى داره فعل، وإن أبى إلا أن يعلن فسله أن يرد إليك ذمتك، فإنا قد كرهنا أن نخفرك.

فقال أبو بكر لابن الدغنة: فإنى أرد إليك جوارك وأرضى بجوار الله «٢» . الحديث رواه البخارى.

ثم قام رجال فى نقض الصحيفة، فأطلع الله نبيه- صلى الله عليه وسلم- على أن الأرضة «٣» أكلت جميع ما فيها من القطيعة والظلم، فلم تدع إلا اسم الله تعالى فقط، فلما أنزلت لتمزق وجدت كما قال- صلى الله عليه وسلم- وذلك فى السنة العاشرة.


(١) موضع بين مكة وزبيد، وقيل غير ذلك.
(٢) صحيح: أخرجه البخارى (٢٢٩٨) فى الكفالة، باب: جوار أبى بكر فى عهد النبى صلى الله عليه وسلم- وعقده، من حديث عائشة- رضى الله عنها-.
(٣) الأرضة: دودة بيضاء شبه النمل تأكل الخشب خاصة، ومنها نوع مثل كبار النمل ذوات أجنحة، تأكل الخشب وغيره، غير أنها لا تعرض للرطب، وهى ذات قوائم.