فقال به أبو حنيفة، وتعقب: بأن الذى وقع فى هذه القصة مجرد دعاء، لا ينافى مشروعية الصلاة لها، وقد ثبت فى واقعة أخرى كما تقدم، والله أعلم.
الثالث: استسقاؤه- صلى الله عليه وسلم- على منبر المدينة. روى البيهقى فى الدلائل من طريق يزيد بن عبيد السلمى قال: لما قفل رسول الله- صلى الله عليه وسلم- من غزوة تبوك أتاه وفد من بنى فزارة، بضعة عشر رجلا، وفيهم خارجة بن حصن، والحر بن قيس، وهو أصغرهم، فنزلوا فى دار رملة بنت الحارث من الأنصار، وقدموا على إبل عجاف مسنتون، فأتوا مقرين بالإسلام، فسألهم رسول الله- صلى الله عليه وسلم- عن بلادهم فقالوا: يا رسول الله أسنتت بلادنا، وأجدب جنابنا، وغرث عيالنا وهلكت مواشينا، فادع ربك أن يغيثنا، وتشفع لنا إلى ربك، ويشفع ربك إليك، فقال- صلى الله عليه وسلم-: «سبحان الله!! ويلك، أنا شفعت إلى ربى، فمن ذا الذى يشفع ربنا إليه، لا إله إلا هو العلى العظيم، وسع كرسيه السموات والأرض، وهو يئط من عظمته وجلاله كما يئط من عظمته وجلاله كما يئط الرحل الجديد» فقال النبى- صلى الله عليه وسلم-: «إن الله ليضحك من شفقكم وقرب غياثكم» ، فقال أعرابى: أو يضحك ربنا يا رسول الله؟ قال:«نعم» ، فقال الأعرابى: لن نعدم يا رسول الله من رب يضحك خيرا. فضحك- صلى الله عليه وسلم- من قوله، فقام- صلى الله عليه وسلم- فصعد المنبر وتكلم بكلمات ورفع يديه، وكان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- لا يرفع يديه فى شئ من الدعاء إلا فى الاستسقاء، فرفع يديه حتى رؤى بياض إبطيه، وكان مما حفظ من دعاءه:
«اللهم اسق بلدك وبهيمتك، وانشر رحمتك، وأحى بلدك الميت، اللهم اسقنا غيثا مغيثا مريئا مربعا طبقا واسعا، عاجلا غير آجل نافعا غير ضار، اللهم سقيا رحمة لا سقيا عذاب ولا هدم ولا غرق ولا محق، اللهم اسقنا الغيث وانصرنا على الأعداء» .
فقام أبو لبابة بن عبد المنذر فقال: يا رسول الله إن التمر فى المربد، فقال- صلى الله عليه وسلم-: «اللهم اسقنا» ، فقال أبو لبابة: إن التمر فى المرابد، ثلاث