مرات، فقال- صلى الله عليه وسلم-: «اللهم اسقنا حتى يقوم أبو لبابة عريانا يسد ثعلب مربده بإزاره» .
قال: فلا والله ما فى السماء من قزعة ولا سحاب، وما بين المسجد وسلع من بناء ولا دار، فطلعت من وراء سلع سحابة مثل الترس، فلما توسطت السماء انتشرت، وهم ينظرون، ثم أمطرت، فو الله ما رأوا الشمس سبتا، وقام أبو لبابة عريانا يسد ثعلب مربده بإزاره لئلا يخرج التمر منه.
فقال الرجل: يا رسول الله- يعنى الذى سأله أن يستسقى له-: هلكت الأموال، وانقطعت السبل. فصعد- صلى الله عليه وسلم- المنبر فدعا ورفع يديه مدّا، حتى رؤى بياض إبطيه ثم قال:«اللهم حوالينا ولا علينا، اللهم على الآكام والظراب وبطون الأودية ومنابت الشجر» فانجابت السحابة عن المدينة كانجياب الثوب «١» .
و «الأطيط» صوت الأقتاب، يعنى: أن الكرسى ليعجز عن حمله وعظمته، إذ كان معلوما أن أطيط الرحل بالراكب إنما يكون لقوة ما فوقه، وعجزه عن احتماله. وهذا مثل لعظمته تعالى وجلاله، ولم يكن أطيط وإنما هو كلام تقريب، أريد به تقرير عظمة الله تعالى.
وقوله:«طبقا» بفتح الطاء والموحدة، أى مالئا للأرض مغطيا لها، يقال: غيث طبق أى عام واسع. و «المربد» : موضع يجفف فيه التمر.
و «ثعلبه» ثقبه الذى يسيل منه ماء المطر.
وعن أنس بن مالك قال: جاء أعرابى إلى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله أتيناك وما لنا صبى يغط، ولا بعير يئط- أى ما لنا بعير أصلا لأن البعير لا بد أن يئط- وأنشد:
أتيناك والعذراء يدمى لبانها ... وقد شغلت أم الصبى عن الطفل
وألقى بكفيه الفتى لاستكانة ... من الجوع ضعفا ما يمر ولا يحلى