للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولا شئ مما يأكل الناس عندنا ... سوى الحنظل العامى والعلهز الغسل

وليس لنا إلا إليك فرارنا ... وأين فرار الناس إلا إلى الرسل

فقام- صلى الله عليه وسلم- يجر رداءه، حتى صعد المنبر، فرفع يديه إلى السماء ثم قال: «اللهم اسقنا غيثا مغيثا مربعا غدقا طبقا نافعا غير ضار، عاجلا غير رائث، تملأ به الضرع وتنبت به الزرع، وتحيى به الأرض بعد موتها» قال: فما رد- صلى الله عليه وسلم- يديه إلى نحره حتى ألقت السماء بأبراقها، وجاء أهل البطانة يضجون: الغرق الغرق، فقال- صلى الله عليه وسلم-: «حوالينا ولا علينا» فانجاب السحاب عن المدينة حتى أحدق بها كالإكليل. وضحك- صلى الله عليه وسلم- حتى بدت نواجذه، ثم قال: «لله در أبى طالب، لو كان حيّا لقرت عيناه. من ينشدنا قوله؟» فقال على: يا رسول الله كأنك تريد قوله:

وأبيض يستسقى الغمام بوجهه ... ثمال اليتامى عصمة للأرامل

تطيف به الهلاك من آل هاشم ... فهم عنده فى نعمة وفواضل

كذبتم وبيت الله نبزى محمدا ... ولما نطاعن حوله ونناضل

ونسلمه حتى نصرع حوله ... ونذهل عن أبنائنا والحلائل

فقال: «أجل» رواه البيهقى.

وقوله: «يدمى لبانها» أى يدمى صدرها لامتهانها نفسها فى الخدمة حيث لا تجد ما تعطيه من يخدمها من الجدب وشدة الزمان، وأصل اللبان من الفرس موضع اللبب ثم استعير للناس. وقوله: «ما يمر وما يحلى» أى ما ينطق بخير ولا بشر من الجوع والضعف. وقوله: «سوى الحنظل العامى» نسبة إلى العام، لأنه يتخذ فى عام الجدب، كما قالوا للجدب: السنة. «والعلهز» بالكسر، طعام كانوا يتخذونه من الدم ووبر البعير فى سنى المجاعة. قاله الجوهرى. و «الغسل» الرذل، قال السهيلى: فإن قلت: كيف قال أبو طالب «وأبيض يستسقى الغمام بوجهه» ولم يره قط يستسقى، وإنما كان ذلك منه بعد الهجرة؟