للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأجاب بما حاصله: أن أبو طالب أشار إلى ما وقع فى زمن عبد المطلب، حيث استسقى لقريش والنبى- صلى الله عليه وسلم- معه وهو غلام. انتهى.

وقال الحافظ ابن حجر: ويحتمل أن يكون أبو طالب مدحه بذلك لما رأى من مخايل ذلك فيه، وإن لم يشاهد ذلك فيه. انتهى.

قلت: وقد أخرج ابن عساكر عن جلهمة بن عرفطة قال: قدمت مكة، وهم فى قحط، فقالت قريش: يا أبا طالب، أقحط الوادى وأجدب العيال وأنت فيهم أما تستسقى؟ فخرج أبو طالب ومعه غلام كأنه شمس دجن تجلت عنه سحابة قتماء، وحوله أغيلمة، فأخذه أبو طالب فألصق ظهره بالكعبة، ولاذ الغلام بأصبعه وما فى السماء قزعة، فأقبل السحاب من ها هنا وها هنا، وأغدق واغدودق وانفجر له الوادى وأخصب النادى والبادى، وفى ذلك يقول أبو طالب «وأبيض يستسقى الغمام بوجهه» انتهى.

الرابع: استسقاؤه- صلى الله عليه وسلم- بالدعاء من غير صلاة. عن ابن مسعود أن قريشا أبطؤوا عن الإسلام، فدعا عليهم رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فأخذتهم سنة حتى هلكوا فيها وأكلوا الميتة والعظام، فجاءه أبو سفيان فقال: يا محمد، جئت تأمر بصلة الرحم، وإن قومك هلكوا، فادع الله، فقرأ فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّماءُ بِدُخانٍ مُبِينٍ «١» ، ثم عادوا إلى كفرهم، فذلك قوله تعالى:

يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرى «٢» ، يوم بدر. زاد أسباط عن منصور: فدعا رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فسقوا الغيث، فأطبقت عليهم سبعا، وشكا الناس كثرة المطر فقال: «اللهم حوالينا ولا علينا» فانحدرت السحابة عن رأسه، فسقوا الناس حولهم «٣» . رواه البخارى.

وأفاد الدمياطى أن ابتداء الدعاء على قريش كان عقب طرحهم على ظهره سلا الجزور، وكان ذلك بمكة قبل الهجرة، وقد دعا النبى- صلى الله عليه وسلم-


(١) سورة الدخان: ١٠.
(٢) سورة الدخان: ١٦.
(٣) صحيح: أخرجه أبو داود (١١٦٩) فى الصلاة، باب: رفع اليدين فى الاستسقاء، من حديث جابر بن عبد الله- رضى الله عنهما- والحديث صححه الشيخ الألبانى فى «صحيح سنن أبى داود» .