للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فأمر بهما فرجما قريبا من موضع الجنائز عند المسجد «١» . وحكى ابن بطال عن ابن حبيب أن مصلى الجنائز بالمدينة كان لاصقا بالمسجد النبوى من ناحية المشرق، انتهى. فإن ثبت ما قال وإلا فيحتمل أن يكون المراد بالمسجد هنا المصلى المتخذ للعيدين والاستسقاء، لأنه لم يكن عند المسجد النبوى مكان مهيأ للرجم.

ودل حديث ابن عمر المذكور على أنه كان للجنائز مكان معد للصلاة عليها، فقد يستفاد منه أن ما وقع من الصلاة على بعض الجنائز فى المسجد كان لأمر عارض، أو لبيان الجواز، واستدل به على مشروعية الصلاة على الجنائز فى المسجد، ويقويه حديث عائشة «ما صلى- صلى الله عليه وسلم- على سهيل بن بيضاء إلا فى المسجد» «٢» أخرجه مسلم، وبه قال الجمهور. وحمل المانعون الصلاة على سهيل: بأنه كان خارج المسجد، والمصلون داخله، وذلك جائز اتفاقا.

وفيه نظر: لأن عائشة استدلت بذلك لما أنكروا عليها أمرها بالمرور بجنازة سعد على حجرتها لتصلى عليه. وقد سلم لها الصحابة ذلك، فيدل على أنها حفظت ما نسوه.

وقد روى ابن أبى شيبة وغيره أن عمر صلى على أبى بكر فى المسجد، وأن صهيبا صلى على عمر فى المسجد، زاد فى رواية: ووضعت الجنازة فى المسجد تجاه المنبر، وهذا يقتضى الإجماع على جواز ذلك. وقد استدل أيضا بحديث قصة النجاشى على مشروعية الصلاة على الميت الغائب عن البلد، وبذلك قال الشافعى وأحمد وجمهور السلف، حتى قال ابن حزم: لم يأت عن أحد من الصحابة منعه. وعن الحنفية والمالكية لا يشرع ذلك. وعن بعض


(١) صحيح: أخرجه البخارى (١٣٢٩) فى الجنائز، باب: الصلاة على الجنائز بالمصلى والمسجد، ومسلم (١٦٩٩) فى الحدود، باب: رجم اليهود وأهل الذمة فى الزنا. من حديث ابن عمر واللفظ للبخارى.
(٢) صحيح: أخرجه مسلم (٩٧٣) فى الجنائز، باب: الصلاة على الجنائز فى المسجد. من حديث عائشة- رضى الله عنها-.