أهل العلم: إنما يجوز ذلك فى اليوم الذى يموت فيه الميت أو ما قرب، لا ما إذا ما طالت المدة، حكاه ابن عبد البر.
وقال ابن حبان: إنما يجوز ذلك لمن فى جهة القبلة، فلو كان بلد الميت مستدبر القبلة مثلا لم يجز. قال المحب الطبرى: لم أر ذلك لغيره. وقد اعتذر من لم يقل بالصلاة على الغائب عن قصة النجاشى بأمور:
منها: أنه كان بأرض لم يصل عليه بها أحد، فتعينت الصلاة عليه لذلك؛ ومن ثم قال الخطابى: لا يصلى على الغائب إلا إذا وقع موته بأرض ليس بها من يصلى عليه، واستحسنه الرويانى من الشافعية.
ومنها: قول بعضهم: إنه كشف له- صلى الله عليه وسلم- عنه حتى رآه، وعبر عنه القاضى عياض فى «الشفاء» بقوله: ورفع له النجاشى حتى صلى عليه، فتكون صلاته كصلاة الإمام على ميت رآه ولم يره المأمومون، ولا خلاف فى جوازها. قال ابن دقيق العيد: وهذا يحتاج إلى نقل ولا يثبت بالاحتمال.
وتعقبه بعض الحنفية: بأن الاحتمال كاف فى مثل هذا، وكأن مستند هذا القائل ما ذكره الواحدى فى أسباب النزول بغير إسناد عن ابن عباس: كشف للنبى- صلى الله عليه وسلم- عن سرير النجاشى حتى رآه وصلى عليه. ولابن حبان من حديث عمران بن حصين: فقام وصفوا خلفه وهم لا يظنون إلا أن الجنازة بين يديه.
ومن الاعتذارات أيضا: أن ذلك خاص بالنجاشى، لأنه لم يثبت أنه- صلى الله عليه وسلم- صلى على ميت غائب غيره. قاله المهلب، وكأنه لم يثبت عنده قصة معاوية بن معاوية الليثى. واستند من قال بتخصيص النجاشى بذلك إلى ما تقدم من إشاعة أنه مات مسلما أو استئلاف قلوب الملوك الذين أسلموا فى حياته.
قال النووى: لو فتح هذا الباب لانسد كثير من ظواهر الشرع، مع أنه لو كان شئ مما ذكروه لتوفرت الدواعى على نقله. وقال ابن العربى: قال المالكية: ليس ذلك إلا لمحمد- صلى الله عليه وسلم-، قلنا: وما عمل به محمد- صلى الله عليه وسلم-