للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لهم، ولهذا لم يوجب أبو حنيفة على الصبيان زكاة لعدم دنس المخالفة، والمخالفة لا تكون إلا بعد جريان التكليف، وذلك بعد البلوغ. وإذا كان أهل المعرفة بالله المشاهدون لأحديته لا يشهدون لهم مع الله ملكا كما هو مشهور من حكاياتهم، فما ظنك بالأنبياء والرسل، وأهل التوحيد والمعرفة إنما غرفوا من بحارهم واقتبسوا من أنوارهم. انتهى ملخصا من كتاب «التنوير» للعارف الكبير أبى الفضل بن عطاء الله الشاذلى، أذاقنا الله حلاوة مشربه.

تنبيه: ما حكى إن الإمام الشافعى وأحمد بن حنبل كانا جالسين، إذ أقبل شيبان الراعى، فقال أحمد بن حنبل للشافعى: أريد أن أسأل هذا المشار إليه فى هذا الزمن، فقال الشافعى: لا تفعل، فقال: لا بد من ذلك، فقال: يا شيبان ما تقول فيمن نسى أربع سجدات من أربع ركعات؟ فقال: يا أحمد، هذا قلب غافل عن الله، يجب أن يؤدب حتى لا يعود إلى مثل ذلك. قال:

فخر أحمد مغشيّا عليه، ثم أفاق فقال: ما تقول فيمن له أربعون شاة، ما زكاتها؟ فقال: على مذهبنا أو على مذهبكم؟ فقال: أو هما مذهبان؟ فقال:

نعم، أما على مذهبكم ففى الأربعين شاة شاة، وأما على مذهبنا فالعبد لا يملك مع سيده شيئا. فقد نقل شيخنا فى «المقاصد» عن ابن تيمية أن ذلك باطل باتفاق أهل المعرفة، لأن الشافعى وأحمد لم يدركا شيبان الراعى والله أعلم. انتهى.

وقد كان- صلى الله عليه وسلم- إذا أتاه قوم بصدقة قال: «اللهم صل على آل فلان» ، فأتاه أبو أوفى بصدقة فقال: «اللهم صل على آل أبى أوفى» «١» . رواه البخارى ومسلم. واختلف فى أول وقت فرض الزكاة. فذهب الأكثرون إلى أنه وقع بعد الهجرة، فقيل: كان فى السنة الثانية قبل فرض رمضان أشار إليه النووى فى باب السير من الروضة.

وجزم ابن الأثير فى التاريخ بأن ذلك كان فى التاسعة، وفيه نظر: لما


(١) صحيح: أخرجه البخارى (١٤٩٨) فى الزكاة، باب: صلاة الإمام ودعائه لصاحب الصدقة، ومسلم (١٠٧٨) فى الزكاة، باب: الدعاء لمن أتى بصدقة، من حديث عبد الله ابن أبى أوفى- رضى الله عنه-.