للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومن شاء تركه «١» . رواه البخارى ومسلم ومالك وأبو داود والترمذى.

واستفيد من هذه الرواية تعيين الوقت الذى وقع الأمر فيه بصيام عاشوراء، وهو أول قدومه المدينة، ولا شك أن قدومه- صلى الله عليه وسلم- كان فى ربيع الأول، فحينئذ كان الأمر بذلك فى أول السنة الثانية، وفى السنة الثانية فرض شهر رمضان، فعلى هذا لم يقع الأمر بصوم يوم عاشوراء إلا فى سنة واحدة، ثم فوض الأمر فى صومه إلى رأى المتطوع، فعلى تقدير صحة قول من يدعى أنه كان قد فرض فقد نسخ فرضه بهذه الأحاديث الصحيحة.

وأما صيام قريش لعاشوراء فلعلهم تلقوه من الشرع السالف، ولذا كانوا يعظمونه بكسوة الكعبة، وقد روى عن عكرمة أنه سئل عن ذلك فقال: أذنبت قريش ذنبا فى الجاهلية، فعظم فى صدورهم، فقيل لهم صوموا عاشوراء يكفر ذلك. قاله فى فتح البارى. وعن ابن عمر: أن أهل الجاهلية كانوا يصومون يوم عاشوراء، وأن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قال: «إن عاشوراء يوم من أيام الله فمن شاء صامه» «٢» . رواه البخارى ومسلم وأبو داود، وفى رواية:

وكان عبد الله لا يصومه إلا أن يوافق صومه. وعن سلمة بن الأكوع: بعث رسول الله- صلى الله عليه وسلم- رجلا من أسلم يوم عاشوراء فأمره أن يؤذن فى الناس:

من كان لم يصم فليصم، ومن كان أكل فليتم صيامه إلى الليل «٣» . رواه مسلم. قال النووى: اختلفوا فى حكم صوم عاشوراء فى أول الإسلام حين شرع صومه قبل صوم رمضان، فقال أبو حنيفة: كان واجبا.

واختلف أصحاب الشافعى فيه على وجهين: أشهرهما: عندهم أنه لم يزل سنة من حين شرع، ولم يكن واجبا قط فى هذه الأمة، ولكنه كان متأكد


(١) صحيح: أخرجه البخارى (٢٠٠٢) فى الصوم، باب: صيام يوم عاشوراء، ومسلم (١١٢٥) فى الصيام، باب: صوم يوم عاشوراء. من حديث عائشة- رضى الله عنها-.
(٢) صحيح: أخرجه البخارى (٤٥٠١) فى تفسير القرآن: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ ... الآية. ومسلم (١١٢٦) فى الصيام، باب: صوم يوم عاشوراء. من حديث ابن عمر- رضى الله عنهما-.
(٣) صحيح: أخرجه مسلم (١١٣٥) فى الصيام، باب: من أكل فى عاشوراء فليكف بقية يومه. من حديث سلمة بن الأكوع- رضى الله عنه-.