للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على الصيام واعتاده، ووجد بصيام شعبان قبل رمضان حلاوة الصوم ولذته، فيدخل فى صيام رمضان بقوة ونشاط. واعلم أنه لا تعارض بين هذا وبين النهى عن تقدم رمضان بصوم يوم أو يومين، وكذا ما جاء فى النهى عن صوم نصف شعبان الثانى، فإن الجمع بينهما ظاهر، بأن يحمل النهى على من لم يدخل تلك الأيام فى صيام اعتاده.

وأجاب النووى عن كونه- صلى الله عليه وسلم- لم يكثر الصوم فى المحرم، مع قوله:

«إن أفضل الصيام ما يقع فيه» ، بأنه يحتمل أن يكون ما علم ذلك إلا فى آخر عمره، فلم يتمكن من كثرة الصوم فى المحرم، أو اتفق له فيه من الأعذار كالسفر ما منعه من كثرة الصوم فيه.

وأما شهر رجب بخصوصه- وقد قال بعض الشافعية: إنه أفضل من سائر الشهور، وضعفه النووى وغيره- فلم يعلم أنه صح أنه- صلى الله عليه وسلم- صامه، بل روى عنه من حديث ابن عباس، مما صح وقفه، أنه نهى عن صيامه، ذكره ابن ماجه لكن فى سنن أبى داود: أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ندب إلى الصوم من الأشهر الحرم، ورجب أحدها. وفى حديث مجيبة الباهلية عن أبيها أو عمها أنه- صلى الله عليه وسلم- قال له: «صم من الحرم واترك» ، قالها ثلاثا «١» .

وفى رواية مسلم عن عثمان بن حكيم الأنصارى قال: سألت سعيد بن جبير عن صوم رجب- ونحن يومئذ فى رجب- فقال: سمعت ابن عباس يقول:

كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يصوم حتى نقول لا يفطر، ويفطر حتى نقول لا يصوم «٢» . والظاهر: أن مراد سعيد بهذا الاستدلال على أنه لا نهى عنه ولا ندب فيه بعينه، بل له حكم باقى الشهور.


(١) ضعيف: أخرجه أبو داود (٢٤٢٨) فى الصوم، باب: فى صوم أشهر الحرم. من حديث عجيبة الباهلية عن أبيها أو عمها. والحديث ضعفه الشيخ الألبانى فى «ضعيف سنن أبى داود» .
(٢) صحيح: أخرجه البخارى (١١٤١) فى الجمعة، باب: قيام النبى بالليل من نومه وما نسخ من قيام الليل، ومسلم (١١٥٨) فى الصيام، باب: صيام النبى فى غير رمضان. من حديث أنس- رضى الله عنه-.