للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وحاصله: قولان، ووجه، واختار النووى فى الفتاوى وشرح المهذب رأى ابن خزيمة. وجزم ابن حبيب من المالكية، ونقله الجمهور، وحكاه صاحب «العدة» من الشافعية ورجحه: أن ليلة القدر خاصة بهذه الأمة، ولم تكن فى الأمم قبلهم.

وهو معترض: بحديث أبى ذر عند النسائى، حيث قال فيه: قلت: يا رسول الله أتكون مع الأنبياء فإذا ماتوا رفعت؟ قلت: بل هى باقية. وعمدتهم قول مالك فى «الموطأ» بلغنى أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- تقاصر أعمار أمته عن أعمار الأمم الماضية فأعطاه الله تعالى ليلة القدر. وهذا محتمل للتأويل، فلا يدفع الصريح من حديث أبى ذر كما قاله الحافظان ابن كثير فى تفسيره وابن حجر فى فتح البارى.

قال: وقد ظهر لليلة القدر علامات؛ منها: ما فى صحيح مسلم عن أبى بن كعب أن الشمس تطلع فى صبيحتها لا شعاع لها، ولابن خزيمة من حديث ابن عباس مرفوعا: «ليلة القدر لا حارة ولا باردة، تصبح الشمس يومها حمراء ضعيفة» «١» ، ولأحمد من حديث عبادة بن الصامت مرفوعا أنها صافية، كأن فيها قمرا ساطعا، ساكنة صاحية، لا حر فيها ولا برد ولا يحل لكوكب يرمى به فيها، وإن من أماراتها أن الشمس فى صبيحتها تخرج مستوية ليس لها شعاع مثل القمر ليلة البدر، لا يحل للشيطان أن يخرج معها حينئذ «٢» .

وروى البيهقى فى «فضائل الأوقات» أن المياه المالحة تعذب فى تلك الليلة «٣» . وقد كان- صلى الله عليه وسلم- يجتهد فى العشر الأخير من رمضان ما لا يجتهد فى غيره «٤» . رواه مسلم من حديث عائشة. وفى البخارى عنها: كان رسول


(١) أخرجه ابن خزيمة فى «صحيحه» (٢١٩٠) من حديث جابر، ولم أقف على رواية ابن عباس.
(٢) انظر «فتح البارى» لابن حجر (٤/ ٢٦٠) .
(٣) ذكره الحافظ ابن حجر فى «المصدر السابق» .
(٤) صحيح: أخرجه مسلم (١١٧٥) فى الاعتكاف، باب: الاجتهاد فى العشر الأواخر من شهر رمضان، من حديث عائشة- رضى الله عنها-.