للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما من قال: إنه- صلى الله عليه وسلم- أهل بالعمرة وأدخل عليها الحج، فحجته ما فى البخارى من حديث ابن عمر قال: تمتع رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فى حجة الوداع بالعمرة إلى الحج، وأهدى فساق معه الهدى من ذى الحليفة، وبدأ- صلى الله عليه وسلم- فأهلّ بالعمرة، ثم أهلّ بالحج.

وقد تقدم فى الأحاديث الكثيرة الصريحة أنه- صلى الله عليه وسلم- بدأ بالإهلال بالحج ثم أدخل عليه العمرة، وهذا عكسه. والمشكل فى هذا الحديث قوله:

«بدأ فأهل بالعمرة ثم أهل بالحج» . وأجيب عنه: بأن المراد به صورة الإهلال، أى لما أدخل العمرة على الحج لبى بهما فقال: «لبيك بعمرة وحج معا» «١» ولبعضهم: بدأ رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فأهل بالعمرة «٢» ، أى أمرهم بها أولا، أى بتقديمها على الحج.

ومذهب الشافعى: أنه لو أدخل الحج على العمرة قبل الطواف صح، وصار قارنا، فلو أحرم بالحج ثم أدخل عليه العمرة ففيه قولان للشافعى، أصحهما لا يصح إحرامه بالعمرة، لأن الحج أقوى منها لاختصاصه بالوقوف والرمى. والضعيف لا يدخل على القوى. انتهى.

وعن ابن عباس قال: صلى- صلى الله عليه وسلم- الظهر بذى الحليفة، ثم دعا بناقته فأشعرها فى صفحة سنامها الأيمن وسلت الدم وقلدها نعلين «٣» ، رواه مسلم وأبو داود. وفى رواية الترمذى: قلد نعلين، وأشعر الهدى فى الشق الأيمن، بذى الحليفة، وأماط عنه الدم «٤» . وفى رواية لأبى داود بمعناه، وقال: ثم


(١) تقدم.
(٢) تقدم.
(٣) صحيح: أخرجه مسلم (١٢٤٣) فى الحج، باب: تقليد الهدى وإشعاره عند الإحرام، من حديث ابن عباس- رضى الله عنهما-.
(٤) صحيح: أخرجه الترمذى (٩٠٦) فى الحج، باب: ما جاء فى إشعار البدن. من حديث ابن عباس- رضى الله عنهما-، والحديث صححه الشيخ الألبانى فى «صحيح سنن الترمذى» .