للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أحرم من الجعرانة، ودخل مكة ليلا، فقضى أمر العمرة ثم رجع ليلا فأصبح بالجعرانة كبائت «١» كما رواه أصحاب السنن الثلاثة، من حديث محرش الكعبى. وعن عطاء قال: إن شئتم فادخلوا ليلا، إنكم لستم كرسول الله- صلى الله عليه وسلم-، إنه كان إماما، فأحب أن يدخلها نهارا ليراه الناس. رواه النسائى.

ثم دخل- صلى الله عليه وسلم- مكة لأربع خلون من ذى الحجة. ودخل المسجد الحرام ضحى من باب بنى عبد مناف، وهو باب بنى شيبة، والمعنى فيه أن باب الكعبة فى جهة ذلك الباب، والبيوت تؤتى من أبوابها، وأيضا: فلأن جهة باب الكعبة أشرف الجهات الأربع، كما قال ابن عبد السلام فى «القواعد» .

وكان- صلى الله عليه وسلم- إذا رأى البيت قال: «اللهم زد هذا البيت تشريفا وتعظيما ومهابة وبرّا» «٢» . رواه الثورى عن أبى سعيد الشامى عن مكحول. وروى الطبرانى عن حذيفة بن أسيد: كان- صلى الله عليه وسلم- إذا نظر إلى البيت قال: «اللهم زد بيتك هذا تشريفا وتعظيما وتكريما وبرّا ومهابة، وزد من شرفه وعظمه ممن حجه واعتمره تعظيما وتشريفا وبرّا ومهابة» «٣» .

ولم يركع- صلى الله عليه وسلم- تحية المسجد، إنما بدأ بالطواف لأنه تحية البيت كما صرح به كثير من أصحابنا، وليس بتحية المسجد. ثم استلم- صلى الله عليه وسلم- الحجر الأسود، وفى رواية جابر عند البخارى: «استلم الركن» ، والاستلام افتعال من السلام، أى التحية، قاله الأزهرى، وقيل من السلام- بالكسر- أى الحجارة، والمعنى: أنه يومئ بعصاه إلى الركن حتى تصيبه، وكانت محنية الرأس، وهى المراد بقوله فى الحديث ب «المحجن» .


(١) صحيح: أخرجه الترمذى (٩٣٥) فى الحج، باب: ما جاء فى العمرة من الجعرانة. من حديث محرش الكعبى- رضى الله عنه-، والحديث صححه الشيخ الألبانى فى «صحيح سنن الترمذى» .
(٢) موضوع: أخرجه الطبرانى فى الكبير عن حذيفة بن أسيد، كما فى «ضعيف الجامع» (٤٤٥٦) .
(٣) انظر ما قبله.