للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأجابوا عن هذه الرواية بأنها مختصرة من الرواية التى ذكرها مسلم عن عائشة قالت: خرجنا مع رسول الله- صلى الله عليه وسلم- عام حجة الوداع، فأهللنا بعمرة، ثم قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: «من كان معه هدى فليهلل بالحج مع العمرة، ثم لا يحل حتى يحل منهما جميعا» «١» فهذه الرواية مفسرة للمحذوف من الرواية التى احتج بها أبو حنيفة وتقديرها: ومن أحرم بعمرة فليهل بالحج ولا يحل حتى ينحر هديه، ولا بد من هذا التأويل، لأن القصة واحدة، والراوى واحد، فتعين الجمع بين الروايتين على ما ذكر والله أعلم.

ولما بلغ سيدنا رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ذا طوى- بضم الطاء وبفتحها، وقيدها الأصيلى بالكسر- عند آبار الزاهر، بات بها بى الثنيتين، فلما أصبح صلى الغداة ثم اغتسل «٢» رواه البخارى. وللنسائى: كان- صلى الله عليه وسلم- ينزل بذى طوى، يبيت به حتى يصلى صلاة الصبح حين يقدم إلى مكة.

ومصلى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ذلك، على أكمة خشنة غليظة، ليس فى المسجد الذى بنى ثمّ، ولكن من أسفل ذلك على أكمة خشنة غليظة. وفى الصحيحين: أنه- صلى الله عليه وسلم- دخلها من أعلاها «٣» . وفى حديث ابن عمر فى الصحيح: كان- صلى الله عليه وسلم- يدخل من الثنية العليا يعنى أعلى مكة من كداء «٤» - بفتح الكاف والمد، قال أبو عبيد: لا يصرف- وهذه الثنية هى التى ينزل منها إلى المعلاة- مقبرة مكة- وهى التى يقال لها: الحجون- بفتح الحاء المهملة وضم الجيم-.

ولم يقع أنه- صلى الله عليه وسلم- دخل مكة ليلا إلا فى عمرة الجعرانة، فإنه- صلى الله عليه وسلم-


(١) هو عند مسلم (١٢١١) وقد تقدم.
(٢) أخرجه البخارى تعليقا فى الحج، باب: الإهلال مستقبل القبلة.
(٣) صحيح: أخرجه البخارى (١٥٧٧) فى الحج، باب: من أين يخرج من مكة، ومسلم (١٢٥٨) فى الحج، باب: استحباب دخول مكة من الثنية العليا والخروج منها. من حديث عائشة- رضى الله عنها-.
(٤) صحيح: أخرجه مسلم (١٢٥٧) فى الحج، باب: استحباب دخول مكة من الثنية العليا والخروج منها، من حديث ابن عمر- رضى الله عنهما-.