للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولمسلم من طريق طاوس عنها: فقال لها النبى- صلى الله عليه وسلم-: «طوافك يسعك لحجك وعمرتك» فهذا صريح فى أنها كانت قارنة، لقوله: «قد حللت من حجك وعمرتك، وإنما أعمرها من التنعيم» «١» تطييبا لقلبها لكونها لم تطف بالبيت لما دخلت معتمرة، وقد وقع فى رواية مسلم: وكان- صلى الله عليه وسلم- رجلا سهلا إذا هويت الشئ تابعها عليه «٢» .

ثم قال- صلى الله عليه وسلم- لأصحابه: «من كان معه هدى فليهلل بالحج مع العمرة، ثم لا يحل حتى يحل منهما جميعا» «٣» . وإنما قال لهم هذا القول بعد إحرامهم بالحج، وفى منتهى سفرهم ودنوهم من مكة بسرف، كما جاء فى رواية عائشة، أو بعد طوافه بالبيت كما جاء فى رواية جابر، ويحتمل تكرار الأمر بذلك فى الموضعين. وأن العزيمة كانت آخرا حين أمرهم بفسخ الحج إلى العمرة.

وفى رواية قالت عائشة: فمنا من أهل بعمرة، ومنا من أهل بحج، حتى قدمنا مكة فقال- صلى الله عليه وسلم-: «من أحرم بعمرة ولم يهد فليحلل، ومن أحرم بعمرة وأهدى فلا يحل حتى ينحر هديه، ومن أهل بحج فليتم حجه» «٤» .

وهذا الحديث ظاهر فى الدلالة لأبى حنيفة وأحمد وموافقيهما، فى أن المعتمر المتمتع إذا كان معه الهدى لا يتحلل من عمرته حتى ينحر هديه يوم النحر.

ومذهب مالك والشافعى وموافقيهما أنه إذا طاف وسعى وحلق حل من عمرته وحل له كل شئ فى الحال، سواء أكان ساق هديا أم لا. واحتجوا بالقياس على من لم يسق الهدى، وبأنه تحلل من نسكه فوجب أن يحل له كل شئ، كما لو تحلل المحرم بالحج.


(١) تقدم.
(٢) صحيح: أخرجه مسلم (١٢١٣) فى الحج، باب: بيان وجوه الإحرام وأنه يجوز إفراد الحج والتمتع. من حديث عائشة- رضى الله عنها-.
(٣) صحيح: أخرجه البخارى (١٥٥٦) فى الحج، باب: كيف تهل الحائض والنفساء، ومسلم (١٢١١) فى الحج، باب: بيان وجوه الإحرام. من حديث عائشة- رضى الله عنها-.
(٤) صحيح: أخرجه البخارى (٣١٩) فى الحيض، باب: كيف تهل الحائض بالحج والعمرة، ومسلم (١٢١١) فى الحج، باب: بيان وجوه الإحرام. من حديث عائشة- رضى الله عنها-.