للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ما لك: ليس العمل على حديث عروة عن عائشة عندنا قديما ولا حديثا. قال ابن عبد البر: يريد ليس العمل عليه فى رفض العمرة وجعلها حجّا، بخلاف جعل الحج عمرة، فإنه وقع للصحابة. واختلف فى جوازه من بعدهم، لكن أجاب جماعة من العلماء عن ذلك باحتمال أن يكون معنى قوله: «ارفضى عمرتك» «١» . أى اتركى التحلل منها وأدخلى عليها الحج، فتصير قارنة، ويؤيده قوله فى رواية لمسلم «وامسكى عن العمرة» «٢» أى عن أعمالها. وإنما قالت عائشة: «وأرجع بحج» لاعتقادها أن إفراد العمرة بالعمل أفضل، كما وقع لغيرها من أمهات المؤمنين. واستبعد هذا التأويل لقولها فى رواية عطاء عنها «وأرجع أنا بحجة ليس معها عمرة» «٣» أخرجه أحمد. وهذا يقوى قول الكوفيين: إن عائشة تركت العمرة وحجت مفردة، وتمسكوا فى ذلك بقوله لها «دعى عمرتك» «٤» ، وفى رواية «اقضى عمرتك» «٥» ونحو ذلك.

واستدلوا به على أن للمرأة إذا أهلت بالعمرة متمتعة فحاضت قبل أن تطوف أن تترك العمرة وتهل بالحج مفردا كما صنعت عائشة.

لكن فى رواية عطاء عنها ضعف، والرافع للإشكال فى ذلك: ما رواه مسلم من حديث جابر أن عائشة أهلت بعمرة، حتى إذا كان بسرف حاضت فقال لها النبى- صلى الله عليه وسلم-: «أهلى بالحج» حتى إذا طهرت طافت بالكعبة وسعت، فقال: «قد حللت من حجتك وعمرتك» ، قالت: يا رسول الله إنى أجد نفسى أنى لم أطف بالبيت حين حججت، قال: «فأعمرها من التنعيم» «٦» .


(١) صحيح: أخرجه البخارى (١٧٨٣) فى الحج، باب: العمرة ليلة الحصبة وغيرها، من حديث عائشة- رضى الله عنها-.
(٢) هى رواية عند مسلم (١٢١١) (١١٣) وقد تقدمت.
(٣) أخرجه أحمد فى «المسند» (٦/ ١٦٥ و ٢١٩) من حديث عائشة- رضى الله عنها-.
(٤) أخرجه البخارى (٣١٧) وقد تقدم.
(٥) تقدم.
(٦) صحيح: أخرجه البخارى (١٥١٨) فى الحج، باب: الحج على الرحل، من حديث عائشة وقد تقدم.