للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الآخرى وقال: «دخلت العمرة فى الحج هكذا- مرتين-، لا بل لأبد أبد» «١» .

وهذا معنى فسخ الحج إلى العمرة.

قال النووى: وقد اختلف فى هذا الفسخ، هل هو خاص للصحابة تلك السنة خاصة، أم باق لهم ولغيرهم إلى يوم القيامة؟

فقال أحمد وطائفة من أهل الظاهر: ليس خاصّا، بل هو باق إلى يوم القيامة فيجوز لكل من أحرم بالحج وليس معه هدى أن يقلب إحرامه ويتحلل بأعمالها.

وقال مالك والشافعى وأبو حنيفة وجماهير العلماء من السلف والخلف:

هو مختص بهم فى تلك السنة، لا يجوز بعدها، وإنما أمروا به تلك السنة ليخالفوا ما كانت عليه الجاهلية من تحريم العمرة فى أشهر الحج.

ومما يستدل به للجماهير، حديث أبى ذر فى مسلم: كانت المتعة فى الحج لأصحاب محمد- صلى الله عليه وسلم- خاصة. يعنى فسخ الحج إلى العمرة «٢» . وفى النسائى عن الحارث بن بلال عن أبيه قال: قلت يا رسول الله، أرأيت فسخ الحج إلى العمرة لنا خاصة، أم للناس عامة؟ فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: «بل لنا خاصة» «٣» .

قال: وأما الذى فى حديث سراقة: «ألعامنا هذا أم لأبد؟» فقال: «لا، بل لأبد أبد» «٤» فمعناه: جواز الاعتمار فى أشهر الحج، والقران كما سبق تفسيره. فالحاصل من مجموع طرق الأحاديث: أن العمرة فى أشهر الحج جائزة إلى يوم القيامة، وكذلك القران، وأن فسخ الحج إلى العمرة مختص بتلك السنة، والله أعلم، انتهى.


(١) صحيح: أخرجه البخارى (٢٥٠٦) فى الشركة، باب: الاشتراك فى الهدى والبدن. من حديث ابن عباس- رضى الله عنهما-.
(٢) تقدم.
(٣) ضعيف: أخرجه النسائى (٥/ ١٧٩) فى مناسك الحج، باب: إباحة فسخ الحج بعمرة ... من حديث بلال بن الحارث- رضى الله عنه-. والحديث ضعف الشيخ الألبانى فى «ضعيف سنن النسائى» .
(٤) تقدم.