قدم به على من اليمن والذى أتى به النبى- صلى الله عليه وسلم- مائة. قال: فحل الناس كلهم كلهم وقصروا إلا النبى- صلى الله عليه وسلم- ومن كان معه هدى.
فلما كان يوم التروية، وكان يوم الخميس ضحى، ركب- صلى الله عليه وسلم- وتوجه بالمسلمين إلى منى، وقد أحرم بالحج من كان أحل منهم، وصلى- صلى الله عليه وسلم- بمنى: الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر، ثم مكث قليلا حتى طلعت الشمس، وأمر بقبة من شعر فضربت له بنمرة، فسار على طريق ضب، ولا تشك قريش إلا أنه واقف عند المشعر الحرام بالمزدلفة كما كانت قريش تصنع فى الجاهلية، وكان «الحمس» وهم قريش ومن دان دينها يقفون بالمزدلفة ويقولون نحن قطين الله، أى جيران بيته فلا نخرج من حرمه، وكان الناس كلهم يبلغون عرفات، وذلك قوله تعالى: ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفاضَ النَّاسُ «١» .
وعن جبير بن مطعم قال: أضللت حمارا لى فى الجاهلية، فوجدته بعرفة، فرأيت رسول الله- صلى الله عليه وسلم- واقفا بعرفات مع الناس، فلما أسلمت عرفت أن الله وفقه لذلك. وفى رواية: كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فى الجاهلية يقف مع الناس بعرفة على جمل له، ثم يصبح مع قومه بالمزدلفة فيقف معهم ويدفع إذا دفعوا، الحديث. ولما بلغ- صلى الله عليه وسلم- عرفة وجد القبة قد ضربت له بنمرة، فنزل بها حتى إذا زاغت الشمس أمر ب «القصواء» فرحلت له، فركب فأتى بطن الوادى فخطب الناس وقال: «إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا، فى شهركم هذا، فى بلدكم هذا، ألا إن كل شئ من أمر الجاهلية تحت قدمىّ موضوع، ودماء الجاهلية موضوعة، وإن أول دم أضع من دمائنا دم ابن ربيعة بن الحارث كان مسترضعا فى بنى سعد فقتلته هذيل، وربا الجاهلية موضوع وأول ربا أضع ربانا، ربا العباس بن عبد المطلب، فإنه موضوع كله، فاتقوا الله فى النساء فإنكم أخذتموهن بأمانة الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله، ولكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم أحدا تكرهونه، فإن