للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لكن فى حديث أنس «لم يكن النبى- صلى الله عليه وسلم- يرفع يديه فى شئ من دعائه إلا فى الاستسقاء» «١» وهو حديث صحيح. ويجمع بينه وبين ما تقدم:

بأن الرفع فى الاستسقاء يخالف غيره إما بالمبالغة إلى أن تصير اليدان فى حذو الوجه مثلا، وفى الدعاء إلى حذو المنكبين، ولا يعكر على ذلك أنه ثبت فى كل منهما «حتى يرى بياض إبطيه» بل يجمع: بأن تكون رؤية البياض فى الاستسقاء أبلغ منها فى غيره، وإما أن الكفين فى الاستسقاء يليان الأرض وفي الدعاء يليان السماء. قال الحافظ عبد العظيم المنذرى: وبتقدير تعذر الجمع فجانب الإثبات أرجح. انتهى.

وروى الإمام أحمد والحاكم وأبو داود أنه- صلى الله عليه وسلم- كان يرفع يديه إذا دعا حذو منكبيه. وفى رواية ابن ماجه: وبسطهما. وهذا يقتضى أن تكونا متفرقتين مبسوطتين، لا كهيئة الاغتراف. قال الحافظ ابن حجر: غالب الأحاديث التى وردت فى رفع اليدين فى الدعاء إنما المراد بها مد اليدين وبسطهما عند الدعاء. وروى ابن عباس: كان- صلى الله عليه وسلم- إذا دعا ضم كفيه وجعل بطونهما مما يلى وجهه. رواه الطبرانى فى الكبير بسند ضعيف.

وهل يمسح بهما وجهه؟ أما فى القنوت فى الصلاة فالأصح، لا، لعدم وروده فيه، قال البيهقى: لا أحفظ فيه عن أحد من السلف شيئا، وإن روى عن بعضهم فى الدعاء خارج الصلاة، وقد روى فيه عن النبى- صلى الله عليه وسلم- خبر ضعيف مستعمل عند بعضهم فى الدعاء خارجها، فأما فيها فعمل لم يثبت فيه خبر ولا أثر ولا قياس، والأولى أن لا يفعله.

وقد دعا- صلى الله عليه وسلم- لأنس فقال: «اللهم أكثر ماله وولده وبارك له فيما أعطيته» «٢» . رواه البخارى. وفى «الأدب المفرد» له، عن أنس قال: قالت أم


(١) صحيح: أخرجه البخارى (١٠٣١) فى الجمعة، باب: رفع الإمام يده فى الاستسقاء، من حديث أنس- رضى الله عنه-.
(٢) صحيح: أخرجه البخارى (٦٣٣٤) فى الدعوات، باب: قول الله تعالى وصل عليهم.. من حديث أنس- رضى الله عنه-.