للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولا بالثبات، لأنه معصوم، فتعين أن يكون للترقى فى مراتبه ومقاماته، إشارة إلى أن العلم به تعالى والسير إليه لا نهاية له أبدا، فجميع العلوم الحقيقية والمعارف اليقينية فى العالم منتظم فى سلك تحقيقها، وستثمر من أفنان طواياها، ولذا اكتفى بعلمها له- صلى الله عليه وسلم- فى الآية فالشأن كله فى تصحيح التوحيد وتجريده وتكميله، وقد قال تعالى له- صلى الله عليه وسلم-: وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ «١» وقال: وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً «٢» ، لأنه لا بد فى أول السلوك من الذكر باللسان مدة، ثم يزول الاسم ويبقى المسمى، فالدرجة الأولى هى المرادة بقوله: وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ «٣» ، والمرتبة الثانية هى المرادة بقوله: وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً «٤» وفى استيفاء مباحث ذلك طول، يخرج عن الغرض، وقد تقدم جملة من أذكاره- صلى الله عليه وسلم- مفرقة فى الوضوء والصلاة والحج وغير ذلك.

وقد كان- صلى الله عليه وسلم- يستغفر الله ويتوب إليه فى اليوم والليلة أكثر من سبعين مرة «٥» . كما رواه عنه أبو هريرة عند البخارى. وظاهره أنه يطلب المغفرة، ويعزم على التوبة، ويحتمل أن يكون المراد: أنه- صلى الله عليه وسلم- يقول هذا اللفظ بعينه، ويرجح الثانى ما أخرجه النسائى بسند جيد من طريق مجاهد عن ابن عمر: أنه سمع النبى- صلى الله عليه وسلم- يقول: «أستغفر الله الذى لا إله إلا هو الحى القيوم وأتوب إليه» فى المجلس قبل أن يقوم مائة مرة. وله: من رواية محمد بن سوقة عن نافع عن ابن عمر بلفظ: إن كنا لنعد لرسول الله- صلى الله عليه وسلم- فى المجلس: «رب اغفر لى وتب على إنك أنت التواب الغفور» ، مائة مرة «٦» . ويحتمل أن يريد بقوله فى حديث أبى هريرة «أكثر من سبعين


(١) سورة المزمل: ٨.
(٢) سورة الأعراف: ٢٠٥.
(٣) سورة المزمل: ٨.
(٤) سورة الأعراف: ٢٠٥.
(٥) صحيح: أخرجه البخارى (٦٣٠٧) فى الدعوات، باب: استغفار النبى فى اليوم والليلة. من حديث أبى هريرة- رضى الله عنه-.
(٦) صحيح: أخرجه الترمذى (٣٤٣٤) فى الدعوات، باب: ما يقول إذا قام من المجلس، من حديث ابن عمر- رضى الله عنهما-. والحديث صححه الشيخ الألبانى فى «صحيح سنن الترمذى» .