للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المنبر فقال: «إنى بين أيديكم فرط، وأنا عليكم شهيد، وإن موعدكم الحوض، وإنى لأنظر إليه وأنا فى مقامى هذا، وإنى قد أعطيت مفاتيح خزائن الأرض، وإنى لست أخشى عليكم أن تشركوا بعدى، ولكنى أخشى عليكم الدنيا أن تنافسوا فيها» . وزاد بعضهم: «فتقتتلوا فتهلكوا كما هلك من كان قبلكم» «١» .

وعن أبى سعيد الخدرى: أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- جلس على المنبر فقال:

«إن عبدا خيره الله بين أن يؤتيه من زهرة الدنيا ما شاء وبين ما عنده، فاختار ما عنده» ، فبكى أبو بكر- رضى الله عنه- وقال: يا رسول الله، فديناك بابائنا وأمهاتنا، قال: فعجبنا، وقال الناس: انظروا إلى هذا الشيخ، يخبر رسول الله- صلى الله عليه وسلم- عن عبد خيره الله بين أن يؤتيه زهرة الدنيا ما شاء وبين ما عند الله، وهو يقول: فديناك بابائنا وأمهاتنا. قال: فكان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- هو المخير، وكان أبو بكر أعلمنا به، فقال النبى- صلى الله عليه وسلم-: «إن أمنّ الناس على فى صحبته وماله أبو بكر، فلو كنت متخذا من أهل الأرض خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا، ولكن أخوة الإسلام، لا يبقى فى المسجد خوخة إلا سدت إلا خوخة أبى بكر- رضى الله عنه-» «٢» . رواه البخارى ومسلم.

ولمسلم من حديث جندب: سمعت النبى- صلى الله عليه وسلم- يقول قبل أن يموت بخمس ليال «إنى أبرأ إلى الله أن يكون لى منكم خليل» «٣» . وكأن أبا بكر- رضى الله عنه- فهم الرمز الذى أشار به النبى- صلى الله عليه وسلم- من قرينة ذكره ذلك فى مرض موته، فاستشعر منه أنه أراد نفسه فلذلك بكى.


(١) صحيح: أخرجه البخارى (١٣٤٤) فى الجنائز، باب: الصلاة على الشهيد، ومسلم (٢٢٩٦) فى الفضائل، باب: إثبات حوض نبينا وصفاته، من حديث عقبة بن عامر- رضى الله عنه-.
(٢) صحيح: أخرجه البخارى (٤٩٦) فى الصلاة، باب: الخوخة والممر فى المسجد، ومسلم (٢٣٨٢) فى فضائل الصحابة، باب: من فضائل أبى بكر. من حديث أبى سعيد الخدرى- رضى الله عنه-.
(٣) تقدم فى الذى قبله.