للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحكاية كذب على مالك. وأن الوقوف عند القبر بدعة، قال: ولم يكن أحد من الصحابة يقف عنده ويدعو لنفسه، ولكن كانوا يستقبلون ويدعون فى مسجده- صلى الله عليه وسلم-. قال: ومالك من أعظم الأئمة كراهية لذلك.

وينبغى أن يقف عند محاذاة أربعة أذرع ويلازم الأدب والخشوع والتواضع، غاض البصر فى مقام الهيبة، كما كان يفعل بين يديه فى حياته، ويستحضر علمه بوقوفه بين يديه وسماعه لسلامه، كما هو الحال فى حال حياته، إذ لا فرق بين موته وحياته فى مشاهدته لأمته ومعرفته بأحوالهم وعزائمهم وخواطرهم، وذلك عنده جلى لا خفاء به.

فإن قلت: هذه الصفات مختصة بالله تعالى. فالجواب: إن من انتقل إلى عالم البرزخ من المؤمنين يعلم أحوال الأحياء غالبا، وقد وقع كثير من ذلك كما هو مسطور فى مظنة ذلك من الكتب.

وقد روى ابن المبارك عن سعيد بن المسيب: ليس من يوم إلا ويعرض على النبى- صلى الله عليه وسلم- أعمال أمته غدوة وعشية، فيعرفهم بسيماهم وأعمالهم، فلذلك يشهد عليهم.

ويمثل الزائر وجهه الكريم- صلى الله عليه وسلم- فى ذهنه، ويحضر قلبه جلال رتبته، وعلو منزلته، وعظيم حرمته، وإن أكابر الصحابة ما كانوا يخاطبونه إلا كأخى السرار، تعظيما لما عظم الله من شأنه.

وقد روى ابن النجار أن امرأة سألت عائشة- رضى الله عنها-: أن اكشفى لى عن قبر رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فكشفته فبكت حتى ماتت.

وحكى عن أبى الفضائل الحموى، أحد خدام الحجرة المقدسة، أنه شاهد شخصا من الزوار الشيوخ، أتى باب مقصورة الحجرة الشريفة، فطأطأ رأسه نحو العتبة، فحركوه فإذا هو ميت، وكان ممن شهد جنازته.

ثم يقول الزائر بحضور قلب، وغض بصر وصوت، وسكون جوارح وإطراق: السلام عليك يا رسول الله، السلام عليك يا نبى الله، السلام عليك