للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال: ورخص بعضهم فى تقديم الزيارة على الصلاة. قال ابن الحاج:

وكل ذلك واسع ولعل هذا الحديث لم يبلغهم، والله أعلم. انتهى.

وينبغى للزائر أن يستحضر الخشوع ما أمكنه، وليكن مقتصدا فى سلامه بين الجهر والإسرار. وفى البخارى: أن عمر- رضى الله عنه- قال لرجلين من أهل الطائف: لو كنتما من أهل البلد لأوجعتكما ضربا، ترفعان أصواتكما فى مسجد رسول الله- صلى الله عليه وسلم- «١» .

وقد روى عن أبى بكر الصديق- رضى الله عنه- قال: لا ينبغى رفع الصوت على نبى حيّا ولا ميتا. وروى عن عائشة- رضى الله عنها- أنها كانت تسمع صوت الوتد يوتد والمسمار يضرب فى بعض الدور المطيفة بمسجد النبى- صلى الله عليه وسلم- فترسل إليهم: لا تؤذوا رسول الله- صلى الله عليه وسلم-.

قالوا: وما عمل على بن أبى طالب- رضى الله عنه- مصراعى داره إلا بالمصانع توقيا لذلك. نقله ابن زبالة. فيجب الأدب معه كما فى حياته.

وينبغى للزائر أن يتقدم إلى القبر الشريف من جهة القبلة، وإن جاء من جهة رجلى الصاحبين فهو أبلغ فى الأدب من الإتيان من جهة رأسه المكرم.

ويستدبر القبلة ويقف قبالة وجهه- صلى الله عليه وسلم- بأن يقابل المسمار الفضة المضروب فى الرخام الذى فى الجدار، ولا عبرة بالقنديل الكبير اليوم، لأن هناك عدة قناديل.

وقد روى أن مالكا لما سأله أبو جعفر المنصور العباسى: يا أبا عبد الله أستقبل رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وأدعو، أم أستقبل القبلة وأدعو؟ فقال له مالك:

ولم تصرف وجهك عنه، وهو وسيلتك ووسيلة أبيك آدم- عليه السّلام- إلى الله عز وجل يوم القيامة.

لكن رأيت منسوبا للشيخ تقى الدين بن تيمية فى منسكه: أن هذه


(١) صحيح: أخرجه البخارى (٤٧٠) فى الصلاة، باب: رفع الصوت فى المسجد. من حديث السائب بن يزيد- رضى الله عنه-.