للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وجلست بحذائه، فجاء أعرابى فزاره ثم قال: يا خير الرسل، إن الله أنزل عليك كتابا صادقا، قال فيه: وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جاؤُكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّاباً رَحِيماً «١» وقد جئتك مستغفرا من ذنبى مستشفعا بك إلى ربى وأنشأ يقول:

يا خير من دفنت بالقاع أعظمه ... فطاب من طيبهن القاع والأكم

نفسى الفداء لقبر أنت ساكنه ... فيه العفاف وفيه الجود والكرم

ووقف أعرابى على قبره الشريف وقال: اللهم إنك أمرت بعتق العبيد، وهذا حبيبك وأنا عبدك، فأعتقنى من النار على قبر حبيبك، فهتف به هاتف: يا هذا تسأل العتق لك وحدك، هلا سألت لجميع الخلق. اذهب فقد أعتقناك من النار.

إن الملوك إذا شابت عبيدهم ... فى رقهم أعتقوهم عتق أبرار

وأنت يا سيدى أولى بذاكرما ... قد شبت فى الرق فاعتقنى من النار

وعن الحسن البصرى قال: وقف حاتم الأصم على قبر النبى- صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رب، إنا زرنا قبر نبيك فلا تردنا خائبين، فنودى: يا هذا ما أذنا لك فى زيارة قبر حبيبنا إلا وقد قبلناك فارجع أنت ومن معك من الزوار مغفورا لكم.

وقال ابن أبى فديك: سمعت بعض من أدركت يقول: بلغنا أنه من وقف عند قبر النبى- صلى الله عليه وسلم- فتلا هذه الآية: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ «٢» وقال: صلى الله عليك يا محمد، حتى يقولها سبعين مرة ناداه ملك: صلى الله عليك يا فلان، ولم تسقط له حاجة.

قال الشيخ زين الدين المراغى وغيره: الأولى أن ينادى يا رسول الله وإن كانت الرواية يا محمد، انتهى. وقد نبهت على ذلك مع مزيد بيان فى كتاب


(١) سورة النساء: ٦٤.
(٢) سورة الأحزاب: ٥٦.