للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد روى الترمذى وابن ماجه وابن حبان فى صحيحه من حديث ابن عمر: أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قال: «من استطاع منكم أن يموت بالمدينة فليمت بها، فإنى أشفع لمن يموت بها» «١» ورواه الطبرانى فى الكبير من حديث سبيعة الأسلمية. وفى البخارى من حديث أبى هريرة أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قال:

«لا يدخل المدينة الدجال ولا الطاعون» «٢» .

وفيه: عن أبى بكرة- رضى الله عنه- عن النبى- صلى الله عليه وسلم- قال: «لا يدخل المدينة رعب المسيح الدجال، لها يومئذ سبعة أبواب على كل باب ملكان» «٣» .

قال فى فتح البارى: وقد استشكل عدم دخول الطاعون المدينة مع كونه شهادة، وكيف قرن بالدجال، ومدحت المدينة بعدم دخولهما.

وأجيب: بأن كون الطاعون شهادة ليس المراد بوصفه بذلك ذاته، وإنما المراد أن ذلك يترتب عليه، وينشأ عنه لكونه سببه، فإذا استحضر ما تقدم فى المقصد الثامن من أنه طعن الجن حسن مدح المدينة بعدم دخوله إياها، فإن فيه إشارة إلى أن كفار الجن وشياطينهم ممنوعون من دخول المدينة، ومن اتفق دخوله فيها لا يتمكن من طعن أحد منهم.

وقد أجاب القرطبى فى المفهم عن ذلك فقال: المعنى لا يدخلها من الطاعون مثل الذى وقع فى غيرها، كطاعون عمواس والجارف.

وهذا الذى قاله يقتضى أنه دخلها فى الجملة، وليس كذلك، فقد جزم ابن قتيبة فى «المعارف» وتبعه جمع منهم الشيخ محى الدين النووى فى «الأذكار» : بأن الطاعون لم يدخل المدينة أصلا، ولا مكة أيضا، لكن نقل


(١) صحيح: أخرجه الترمذى (٣٩١٧) فى المناقب، باب: ما جاء فى فضل المدينة. من حديث ابن عمر- رضى الله عنهما-، والحديث صححه الشيخ الألبانى فى «صحيح سنن الترمذى» .
(٢) صحيح: أخرجه البخارى (٧١٣٤) فى الفتن، باب: لا يدخل الدجال المدينة. من حديث أنس بن مالك- رضى الله عنه-.
(٣) صحيح: أخرجه البخارى (١٨٧٩) فى الحج، باب: لا يدخل الدجال المدينة. من حديث أبى بكرة- رضى الله عنه-.