للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شاءَ اللَّهُ «١» . وقد استشكل كون جميع الخلق يصعقون، مع أن الموتى لا إحساس لهم؟

فقيل المراد: الذين يصعقون هم الأحياء، وأما الموتى فهم فى الاستثناء فى قوله: إِلَّا مَنْ شاءَ اللَّهُ «٢» أى إلا من سبق له الموت قبل ذلك فإنه لا يصعق، وإلى هذا جنح القرطبى. ولا يعارضه ما ورد فى الحديث: إن موسى ممن استثنى الله، لأن الأنبياء أحياء عند الله.

وقال القاضى عياض: يحتمل أن يكون المراد صعقة فزع بعد البعث حين تنشق السماء والأرض. وتعقبه القرطبى: بأنه صرح- صلى الله عليه وسلم- بأنه يخرج من قبره فيلقى موسى وهو متعلق بالعرش وهذا إنما هو عند نفخة البعث.

انتهى.

ووقع فى رواية أبى سلمة عند ابن مردويه: «أنا أول من تنشق عنه الأرض يوم القيامة فأقوم فأنفض التراب عن رأسى، فاتى قائمة العرش فأجد موسى قائما عندها، فلا أدرى أنفض التراب عن رأسه قبلى، أو كان ممن استثنى الله» «٣» .

واختلف فى المستثنى من هو على عشرة أقوال: فقيل الملائكة، وقيل الأنبياء، وبه قال البيهقى فى تأويل الحديث فى تجويزه: أن يكون موسى ممن استثنى الله، قال: ووجهه عندى أنهم أحياء كالشهداء، فإذا نفخ فى الصور النفخة الأولى صعقوا، ثم لا يكون ذلك موتا فى جميع معانيه إلا فى ذهاب الاستشعار.

وقيل الشهداء: واختاره الحليمى قال: وهو مروى عن ابن عباس، فإن الله تعالى يقول: أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ «٤» ، وضعف غيره من الأقوال.


(١) سورة النمل: ٨٧.
(٢) سورة النحل: ٨٧.
(٣) تقدم.
(٤) سورة آل عمران: ١٦٩.