للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد أرخى زمامها، وما يحركها، وهى تنظر يمينا وشمالا، حتى إذا أتت دار مالك بن النجار، بركت على باب المسجد، وهو يومئذ مربد لسهل وسهيل ابنى رافع بن عمرو، وهما يتيمان فى حجر معاذ بن عفراء- ويقال أسعد بن زرارة وهو المرجح- ثم ثارت، وهو- صلى الله عليه وسلم- عليها حتى بركت على باب أبى أيوب الأنصارى، ثم ثارت منه وبركت فى مبركها الأول، وألقت جرانها بالأرض- يعنى باطن عنقها أو مقدمه من المذبح- وأزرمت- يعنى صوتت من غير أن تفتح فاها- ونزل عنها- صلى الله عليه وسلم- وقال: «هذا المنزل إن شاء الله» .

واحتمل أبو أيوب رحله وأدخله فى بيته، ومعه زيد بن حارثة، وكانت دار بنى النجار أوسط دور الأنصار وأفضلها، وهم أخوال عبد المطلب، جده- عليه السّلام-.

وفى حديث أبى أيوب الأنصارى، عند أبى يوسف يعقوب فى كتاب الذكر والدعاء له قال: نزل على رسول الله- صلى الله عليه وسلم- حين قدم المدينة فكنت فى العلو، فلما خلوت إلى أم أيوب قلت لها: رسول الله- صلى الله عليه وسلم- أحق بالعلو منا، تنزل عليه الملائكة وينزل عليه الوحى، فما بت تلك الليلة لا أنا ولا أم أيوب، فلما أصبحت، قلت: يا رسول الله، ما بت الليلة أنا ولا أم أيوب، قال: «لم يا أبا أيوب» قلت: كنت أحق بالعلو منا تنزل عليك الملائكة وينزل عليك الوحى، لا والذى بعثك بالحق لا أعلو سقيفة أنت تحتها أبدا.

الحديث. ورواه الحاكم أيضا.

وقد ذكر أن هذا البيت الذى لأبى أيوب، بناه له- عليه السّلام- تبع الأول لما مر بالمدينة وترك فيها أربعمائة عالم، وكتب كتابا للنبى- صلى الله عليه وسلم- ودفعه إلى كبيرهم، وسأله أن يدفعه للنبى- صلى الله عليه وسلم-، فتداول الدار الملاك إلى أن صارت لأبى أيوب، وهو من ولد ذلك العالم. قال: وأهل المدينة الذين نصروه صلى الله عليه وسلم- من ولد أولئك العلماء. فعلى هذا: إنما نزل فى منزل نفسه، لا فى منزل غيره. كذا حكاه فى تحقيق النصرة.

وفرح أهل المدينة بقدومه- صلى الله عليه وسلم-، وأشرقت المدينة بحلوله فيها، وسرى السرور إلى القلوب. قال أنس بن مالك: لما كان اليوم الذى دخل فيه رسول