للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الله- صلى الله عليه وسلم- المدينة أضاء منها كل شىء، وصعدت ذوات الخدور على الأجاجير عند قدومه يقلن:

طلع البدر علينا ... من ثنيّات الوداع

وجب الشّكر علينا ... ما دعا لله داع «١»

قلت: إنشاد هذا الشعر عند قدومه- صلى الله عليه وسلم- المدينة رواه البيهقى فى الدلائل «٢» ، وأبو الحسن بن المقرى فى كتاب الشمائل له عن ابن عائشة، وذكره الطبرى فى الرياض عن أبى الفضل بن الجمحى قال: سمعت ابن عائشة يقول- أراه عن أبيه- فذكره. وقال خرجه الحلوانى على شرط الشيخين. انتهى.

وسميت ثنية الوداع لأنه- صلى الله عليه وسلم- ودعه بها بعض المقيمين بالمدينة فى بعض أسفاره.

وقيل: لأنه- عليه السّلام- شيع إليها بعض سراياه، فودعه عندها.

وقيل: لأن المسافر من المدينة كان يشيع إليها ويودع عندها قديما.

وصحح القاضى عياض هذا الأخير، واستدل بقول نساء الأنصار حين مقدمه- صلى الله عليه وسلم-:

طلع البدر علينا ... من ثنيّات الوداع

فدل على أنه اسم قديم.

وقال ابن بطال: إنما سميت ثنية الوداع لأنهم كانوا يشيعون الحاج والغزاة إليها، ويودعونهم عندها، وإليها كانوا يخرجون عند التلقى. انتهى.

قال شيخ الإسلام الولى العراقى: وهذا كله مردود، ففى صحيح البخارى وسنن أبى داود والترمذى عن السائب بن يزيد قال: لما قدم رسول


(١) زاد رزين:
أيّها المبعوث فينا ... جئت بالأمر المطاع
(٢) أخرجه البيهقى فى «دلائل النبوة» (٢/ ٥٠٧) .