للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الله- صلى الله عليه وسلم- من تبوك خرج الناس يتلقونه من ثنية الوداع «١» . قال: وهذا صريح فى أنها من جهة الشام، ولهذا لما نقل والدى- رحمه الله- فى شرح الترمذى كلام ابن بطال قال: إنه وهم، قال: وكلام ابن عائشة معضل لا تقوم به حجة. انتهى.

وسبقه إلى ذلك ابن القيم فى الهدى النبوى فقال: هذا وهم من بعض الرواة، لأن ثنية الوداع إنما هى من ناحية الشام، لا يراها القادم من مكة ولا يمر بها إلا إذا توجه إلى الشام، وإنما وقع ذلك عند قدومه من تبوك. انتهى.

لكن قال ابن العراقى أيضا: ويحتمل أن تكون الثنية التى من كل جهة يصل إليها المشيعون يسمونها ثنية الوداع. انتهى.

وفى «شرف المصطفى» وأخرجه البيهقى عن أنس: لما بركت الناقة على باب أبى أيوب خرج جوار من بنى النجار بالدفوف يقلن:

نحن جوار من بنى النجار ... يا حبذا محمد من جار

فقال- صلى الله عليه وسلم-: «أتحببننى» ، قلن: نعم يا رسول الله. وفى رواية الطبرانى فى الصغير فقال- صلى الله عليه وسلم-: «الله يعلم قلبى يحبكم» «٢» .

وقال الطبرى: وتفرق الغلمان والخدم فى الطرق ينادون جاء محمد، جاء رسول الله.

ووعك أبو بكر وبلال، فكان أبو بكر إذا أخذته الحمى يقول:

كل امرىء مصبح فى أهله ... والموت أدنى من شراك نعله

وكان بلال إذا أقلعت عنه الحمى يرفع عقيرته ويقول:

ألا ليت شعرى هل أبيتن ليلة ... بواد وحولى إذخر وجليل

وهل أردن يوما مياه مجنة ... وهل يبدون لى شامة وطفيل


(١) صحيح: أخرجه البخارى (٣٠٨٣) فى الجهاد والسير، باب: استقبال الغزاة، وأبو داود (٢٧٧٩) فى الجهاد، باب: فى التلقى، والترمذى (١٧١٨) فى الجهاد، باب: ما جاء فى تلقى الغائب إذا قدم.
(٢) أخرجه الطبرانى فى «الصغير» (٧٨٠) وقال: لم يروه عن عوف إلا عيسى بن يونس، تفرد به مصعب بن سعيد.