للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال الحافظ عماد الدين بن كثير: الوسيلة علم على أعلى منزلة فى الجنة، وهى منزلة رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وداره فى الجنة، وهى أقرب أمكنة الجنة إلى العرش.

وقال غيره: الوسيلة «فعيلة» من وسل إليه إذا تقرب، يقال: توسلت أى تقربت، وتطلق على المنزلة العلية، كما قال فى هذا الحديث، فإنها منزلة فى الجنة، على أنه يمكن ردها إلى الأول، فإن الواصل إلى تلك المنزلة قريب من الله، فيكون كالقربة التى يتوسل بها، ولما كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- أعظم الخلق عبودية لربه، وأعلمهم به، وأشدهم له خشية وأعظمهم له محبة، كانت منزلته أقرب المنازل إلى الله تعالى، وهى أعلى درجة فى الجنة، وأمر أمته أن يسألوها له لينالوا بهذا الدعاء الزلفى وزيادة الإيمان، وأيضا: فإن الله تعالى قدرها له بأسباب منها دعاء أمته له، بما نالوه على يده من الهدى والإيمان.

وأما الفضيلة، فهى المرتبة الزائدة على سائر الخلق، ويحتمل أن تكون منزلة أخرى، أو تفسيرا للوسيلة. وعن أبى سعيد الخدرى قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: «الوسيلة درجة عند الله عز وجل ليس فوقها درجة، فسلوا الله لى الوسيلة» «١» . رواه أحمد فى المسند، وذكره ابن أبى الدنيا وقال: الوسيلة درجة ليس فى الجنة أعلى منها، فسلوا الله أن يؤتينيها على رؤوس الخلائق.

وروى ابن مردويه عن على عن النبى- صلى الله عليه وسلم- قال: «إذا سألتم الله فسلوا لى الوسيلة، قالوا: يا رسول الله، من يسكن معك؟ قال: على وفاطمة والحسن والحسين» «٢» . لكن قال الحافظ عماد الدين بن كثير: إنه حديث غريب منكر من هذا الوجه.

وعند ابن أبى حاتم من حديث على أيضا: أنه قال على منبر الكوفة:

أيها الناس إن فى الجنة لؤلؤتين إحداهما بيضاء والآخرى صفراء، فأما البيضاء فإنها إلى بطنان العرش. والمقام المحمود من اللؤلؤة البيضاء سبعون ألف


(١) تقدم.
(٢) أخرجه ابن مردويه عن على كما فى «كنز العمال» (٣٤١٩٥ و ٣٧٦١٩) .