للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

رؤيت امرأة مسرفة على نفسها بعد موتها فقيل لها: ما فعل الله بك؟

قالت: غفر لى، فقيل لها: بماذا؟ قالت: بمحبتى لرسول الله- صلى الله عليه وسلم- وشهوتى النظر إليه، نوديت: من اشتهى النظر إلى حبيبنا نستحى أن نذله بعتابنا، بل نجمع بنيه وبين من يحبه.

وانظر إلى قوله تعالى: طُوبى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ «١» وإن طوبى اسم شجرة غرسها الله بيده، وتنبت الحلى والحلل، وإن أغصانها لترمى من وراء سور الجنة، وإن أصلها فى دار النبى- صلى الله عليه وسلم-، وفى دار كل مؤمن منها غصن، فما من جنة من الجنات إلا وفيها من شجرة طوبى، ليكون سر كل نعيم، ونصيب كل ولى من سره- صلى الله عليه وسلم-، وأنه- صلى الله عليه وسلم- ملأ الجنة، فلا ولى يتنعم فى جنته إلا والرسول متنعم بنعمته، لأن الولى ما وصل إلى ما وصل إليه من النعيم إلا باتباعه لنبيه- صلى الله عليه وسلم-، فلهذا كان سر النبوة قائما به فى تنعمه. وكذلك إبليس ملأ النار، فلا عذاب لأحد من أهلها إلا وإبليس- لعنه الله- سر تعذيبه ومشارك له فيه.

وفى «البحر» لأبى حيان عند تفسير قوله تعالى: عَيْناً يَشْرَبُ بِها عِبادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَها تَفْجِيراً «٢» قيل: هى عين فى دار رسول الله- صلى الله عليه وسلم- تفجر إلى دور الأنبياء والمؤمنين.

وإذا علمت هذا، فاعلم أن أعظم نعيم الجنة وأكمله التمتع بالنظر إلى وجه الرب تبارك وتعالى، ورسوله- صلى الله عليه وسلم-، وقرة العين بالقرب من الله ورسوله مع الفوز بكرامة الرضوان التى هى أكبر من الجنان وما فيها، كما قال الله تعالى: وَرِضْوانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ «٣» .

ولا ريب أن الأمر أجل مما يخطر ببال أو يدور فى خيال، ولا سيما عند فوز المحبين فى روضة الأنس وحظيرة القدس، بمعية محبوبهم الذى هو غاية


(١) سورة الرعد: ٢٩.
(٢) سورة الإنسان: ٦.
(٣) سورة التوبة: ٧٢.