فلما سمع أبو سفيان بسيره- عليه السّلام-، استأجر ضمضم بن عمرو الغفارى أن يأتى قريشا بمكة، فيستنفرهم ويخبرهم أن محمدا قد عرض لعيرهم فى أصحابه.
فنهضوا فى قريب من ألف ولم يتخلف أحد من أشراف قريش إلا أبا لهب، وبعث مكانه العاصى بن هشام بن المغيرة.
وخرج رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فى أصحابه، حتى بلغ الروحاء، فأتاه الخبر عن قريش بمسيرهم ليمنعوا عن عيرهم، فاستشار النبى- صلى الله عليه وسلم- الناس فى طلب العير، أو حرب النفير، وقال:«إن الله وعدكم إحدى الطائفتين: إما العير وإما قريش» وكانت العير أحب إليهم.
فقام أبو بكر فقال فأحسن، ثم قام عمر فقال فأحسن.
ثم قام المقداد بن عمرو، فقال: يا رسول الله امض لما أمرك الله فنحن معك، والله لا نقول لك كما قال بنو إسرائيل لموسى: اذهب أنت وربك فقاتلا إناها هنا قاعدون «١» .
ولكن اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكم مقاتلون، فو الذى بعثك بالحق لو سرت بنا برك الغماد- يعنى مدينة الحبشة- لجالدنا معك من دونه حتى تبلغه.
فقال له- صلى الله عليه وسلم-: «خيرا» ودعا له بخير. ثم قال- صلى الله عليه وسلم-: «أيها الناس أشيروا على» وإنما يريد الأنصار. لأنهم حين بايعوه بالعقبة قالوا: يا رسول الله إنا برآء من ذمامك حتى تصل إلى دارنا، فإذا وصلت إلينا فأنت فى ذمامنا، نمنعك مما نمنع منه أنفسنا وأبناءنا ونساءنا. وكان- صلى الله عليه وسلم- يتخوف أن لا تكون الأنصار ترى عليها نصرته إلا ممن دهمه بالمدينة من عدوه، وأن ليس عليهم أن يسير بهم إلى عدو من بلادهم. فلما قال ذلك- صلى الله عليه وسلم-:
قال له سعد بن معاذ: والله لكأنك تريدنا يا رسول الله. قال:«أجل» .