دعنى أصلى ركعتين، قال: صلّ فقد صلى قبلك هؤلاء فلم تنفعهم صلاتهم شيئا، فلما صليت أتانى ليقتلنى فقلت: يا أرحم الراحمين، قال: فسمع صوتا: لا تقتله، فهاب ذلك، فخرج يطلبه فلم ير شيئا، فرجع إلى، فناديت: يا أرحم الراحمين فعل ذلك ثلاثا، فإذا بفارس على فرس فى يده حربة حديد فى رأسها شعلة نار، فطعنه بها فأنفذها من ظهره فوقع ميتا. ثم قال: لما دعوت المرة الأولى: يا أرحم الراحمين كنت فى السماء السابعة، فلما دعوت المرة الثانية يا أرحم الراحمين كنت فى سماء الدنيا، فلما دعوت الثالثة أتيتك. انتهى.
ووقع فى رواية أبى الأسود عن عروة: فلما وضعوا فيه السلاح وهو مصلوب- يعنى خبيبا- نادوه وناشدوه: أتحب أن محمدا مكانك؟ قال: لا والله، ما أحب أن يفدينى بشوكة فى قدمه «١» .
ويقال: إن الذى قال ذلك زيد بن الدثنة، وأن أبا سفيان قال له: يا زيد، أنشدك الله أتحب أن محمدا الآن عندنا مكانك تضرب عنقه، وأنك فى أهلك؟ قال: والله ما أحب أن محمدا الآن فى مكانه الذى هو فيه تصيبه شوكة تؤذيه، وإنى لجالس فى أهلى. قال أبو سفيان: ما رأيت من الناس أحدا يحب كحب أصحاب محمد محمدا.
ثم قتله نسطاس- بكسر النون-.
وبعثت قريش إلى عاصم ليؤتوا بشىء من جسده يعرفونه، وكان عاصم قتل عظيما من عظامائهم يوم بدر، ولعل العظيم المذكور: عقبة بن أبى معيط، فإن عاصما قتله صبرا بأمر النبى- صلى الله عليه وسلم- بعد أن انصرفوا من بدر. ووقع عند ابن إسحاق وكذا فى رواية بريدة بن سفيان: أن عاصما لما قتل أرادت هذيل أخذ رأسه ليبيعوه من سلافة بنت سعد، وهى أم مسافح وجلاس ابنى طلحة