للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال ابن سعد: فقال سلام بن مشكم: لا تفعلوا، والله ليخبرن بما هممتم، وإنه لنقض للعهد الذى بيننا وبينه.

قال ابن إسحاق: وأتى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- الخبر من السماء بما أراد القوم، فقام- صلى الله عليه وسلم- مظهرا أنه يقضى حاجته، وترك أصحابه فى مجلسهم، ورجع مسرعا إلى المدينة.

واستبطأ النبى- صلى الله عليه وسلم- أصحابه، فقاموا فى طلبه حتى انتهوا إليه، فأخبرهم الخبر بما أرادت يهود من الغدر به.

قال ابن عقبة: ونزل فى ذلك قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ «١» الآية.

قال ابن إسحاق: فأمر- صلى الله عليه وسلم- بالتهيؤ لحربهم والسير إليهم.

قال ابن هشام: واستعمل على المدينة ابن أم مكتوم.

ثم سار بالناس حتى نزل بهم فحاصرهم ست ليال. قال ابن إسحاق:

فتحصنوا منه فى الحصون فقطع النخل وحرقها وخرب.

فنادوه: يا محمد قد كنت تنهى عن الفساد وتعيبه على من صنعه، فما بال قطع النخل وتحريقها.

قال السهيلى: قال أهل التأويل: وقع فى نفوس بعض المسلمين من هذا الكلام شىء حتى أنزل الله: ما قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ إلى قوله: وَلِيُخْزِيَ الْفاسِقِينَ «٢» واللينة: ألوان التمر ما عدا العجوة والبرنى. ففى هذه الآية أنه صلى الله عليه وسلم- لم يحرق من نخلهم إلا ما ليس بقوت الناس، وكانوا يقتاتون العجوة، وفى الحديث «العجوة من الجنة وتمرها يغذو أحسن غذاء» «٣» ، والبرنى أيضا كذلك. ففى قوله تعالى: ما قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ «٤» . ولم يقل


(١) سورة المائدة: ١١.
(٢) سورة الحشر: ٥.
(٣) صحيح: أخرجه البخارى (٢٠٦٦) فى الطب، باب: ما جاء فى الكمأة والعجوة، وابن ماجه (٣٤٥٥) فى الطب، باب: الكمأة والعجوة، وأحمد فى «مسنده» (٢/ ٣٠١ و ٣٢٥ و ٣٥٦ و ٤٨٨ و ٤٩٠) ، من حديث أبى هريرة- رضى الله عنه-، والحديث صححه الشيخ الألبانى فى «صحيح سنن الترمذى» .
(٤) سورة الحشر: ٥.