من نخلة على العموم، تنبيه على كراهة قطع ما يقتات ويغذو من شجر العدو إذا رجى أن يصل إلى المسلمين.
قال ابن إسحاق: وقد كان رهط من بنى عوف بن الخزرج منهم عبد الله ابن أبى ابن سلول بعثوا إلى بنى النضير: أن اثبتوا وتمنعوا، فإنا لن نسلمكم، إن قوتلتم قاتلنا معكم، وإن أخرجتم خرجنا معكم. فتربصوا، فقذف الله فى قلوبهم الرعب، فلم ينصروهم فسألوا رسول الله- صلى الله عليه وسلم- أن يجليهم عن أرضهم ويكف عن دمائهم.
وعند ابن سعد: أنهم حين هموا بغدره- صلى الله عليه وسلم- وأعلمه الله بذلك، بعث إليهم محمد بن مسلمة: أن اخرجوا من بلدى فلا تساكنونى بها، وقد هممتم بما هممتم به من الغدر، وقد أجلتكم عشرا، فمن رؤى منكم بعد ذلك ضربت عنقه.
فمكثوا على ذلك أياما يتجهزون، وتكاروا من أناس من أشجع إبلا، فأرسل إليهم عبد الله بن أبى: لا تخرجوا من دياركم، وأقيموا فى حصونكم فإن معى ألفين من قومى من العرب يدخلون حصونكم وتمدكم قريظة وحلفاؤكم من غطفان، فطمع حيى فيما قاله ابن أبى، فأرسل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم-، إنا لا نخرج من ديارنا، فاصنع ما بدا لك.
فأظهر- صلى الله عليه وسلم- التكبير، وكبر المسلمون بتكبيره، وسار إليهم- صلى الله عليه وسلم- فى أصحابه، فصلى العصر بفناء بنى النضير، وعلى يحمل رايته، فلما رأوا رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قاموا على حصونهم، ومعهم النبل والحجارة، واعتزلهم ابن أبى ولم يمنعهم، وكذا حلفاؤهم من غطفان، فيئسوا من نصرهم، فحاصرهم- صلى الله عليه وسلم- وقطع نخلهم، وقال لهم- عليه الصلاة والسلام-:
«اخرجوا منها، ولكم دماؤكم وما حملت الإبل إلا الحلقة» - وهى بإسكان اللام قال فى القاموس، الدرع- فنزلت يهود على ذلك فحاصرهم خمسة عشر يوما، فكانوا يخربون بيوتهم بأيديهم «١» .