قال ابن إسحاق: وخرج عدو الله حيى بن أخطب حتى أتى كعب بن أسد القرظى صاحب عقد بنى قريظة وعهدهم، وكان وادع رسول الله صلى الله عليه وسلم- على قومه وعاقده، فأغلق كعب دونه باب حصنه، وأبى أن يفتح له، وقال ويحك يا حيى، إنك امرؤ مشئوم، وإنى قد عاهدت محمدا فلست بناقض ما بينى وبينه، فإنى لم أر منه إلا وفاء وصدقا.
فقال: ويلك افتح، ولم يزل به حتى فتح له، فقال: ويلك يا كعب، جئتك بعز الدهر، جئتك بقريش حتى أنزلتهم بمجتمع الأسيال، ومن دونه غطفان وقد عاهدونى على ألايبرحوا حتى نستأصل محمدا ومن معه، ولم يزل به حتى نقض عهده، وبرىء مما كان بينه وبين رسول الله- صلى الله عليه وسلم-.
وعن عبد الله بن الزبير قال: كنت يوم الأحزاب أنا وعمرو بن أبى سلمة مع النساء فى أطم حسان، فنظرت فإذا الزبير على فرسه يختلف إلى بنى قريظة مرتين أو ثلاثا، فلما رجعت قلت يا أبت رأيتك تختلف، قال:
رأيتنى يا بنى؟ قلت: نعم. قال: كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قال:«من يأت بنى قريظة فيأتينى بخبرهم» فانطلقت، فلما رجعت جمع لى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- أبويه فقال: فداك أبى وأمى «١» . أخرجه الشيخان والترمذى وقال: حديث حسن.
وفى رواية أصحاب المغازى: فلما انتهى الخبر إلى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- بعث سعد بن معاذ وسعد بن عبادة ومعهما ابن رواحة وخوات بن جبير ليعرفوا الخبر، فوجدوهم على أخبث ما بلغه عنهم، نالوا من رسول الله صلى الله عليه وسلم- وتبرؤا من عقده وعهده، ثم أقبل السعدان ومن معهما على رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وقالوا: عضل والقارة، أى كغدرهما بأصحاب الرجيع.
فعظم عند ذلك البلاء، واشتد الخوف، وأتاهم عدوهم من فوقهم ومن أسفل منهم، حتى ظن المؤمنون كل ظن.
(١) صحيح: أخرجه البخارى (٣٧٢٠) فى فضائل الصحابة، باب: مناقب الزبير بن العوام رضى الله عنه-، ومسلم (٢٤١٦) فى فضائل الصحابة، باب: من فضائل طلحة والزبير رضى الله عنهما-.