للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ونجم النفاق من بعض المنافقين، وأنزل الله تعالى: وَإِذْ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ ما وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُوراً «١» الآيات.

وقال رجال ممن معه: يا أهل يثرب لا مقام لكم فارجعوا، وقال أوس ابن قيظى: يا رسول الله، إن بيوتنا عورة من العدو، فائذن لنا فنرجع إلى ديارنا، فإنها خارج المدينة.

وأقبل نوفل بن عبد الله بن المغيرة المخزومى على فرس له ليوثبه الخندق فوقع فى الخندق فقتله الله. وكبر ذلك على المشركين، فأرسلوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم- إنا نعطيك الدية على أن تدفعوه إلينا فندفنه، فرد إليهم النبى صلى الله عليه وسلم-: «إنه خبيث خبيث الدية، فلعنه الله ولعن ديته، ولا نمنعكم أن تدفنوه ولا أرب لنا فى ديته» «٢» .

قال ابن إسحاق: وأقام- صلى الله عليه وسلم- والمسلمون وعدوهم يحاصرهم، ولم يكن بينهم قتال إلا مراماة بالنبل، لكن كان عمرو بن عبد ود العامرى اقتحم هو ونفر معه خيولهم من ناحية ضيقة من الخندق، حتى صاروا بالسبخة، فبارزه على فقتله، وبرز نوفل بن عبد الله بن المغيرة فقتله الزبير وقيل قتله على، ورجعت بقية الخيول منهزمة.

ورمى سعد بن معاذ بسهم فقطع منه الأكحل- وهو بفتح الهمزة والمهملة بينهما كاف ساكنة- عرق فى وسط الذراع، قال الخليل: هو عرق الحياة يقال إن كل عضو منه شعبة فهو فى اليد الأكحل وفى الظهر الأبهر وفى الفخذ النسا، إذا قطع لم يرفأ الدم.

وكان الذى رمى سعدا، ابن عرقة، أحد بنى عامر بن لؤى، قال:

خذها منى وأنا ابن العرقة، فقال له سعد: عرق الله وجهك فى النار. ثم قال


(١) سورة الأحزاب: ١٢.
(٢) أخرجه أحمد فى «مسنده» (١/ ٢٤٨) من حديث ابن عباس- رضى الله عنهما- بذكر ذكر اسم الرجل، وذكره التقى الهندى فى «كنز العمال» (٣٠١٠٢) عن عكرمة- رضى الله عنه- وعزاه لابن أبى شيبة.