للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سعد: اللهم إن كنت أبقيت من حرب قريش شيئا فأبقنى لها، فإنه لا قوم أحب إلىّ أن أجاهدهم من قوم آذوا رسولك وكذبوه.

وأقام- عليه الصلاة والسلام- وأصحابه بضع عشرة ليلة. فمشى نعيم ابن مسعود الأشجعى- وهو مخف إسلامه- فثبط قومه عن قوم وأوقع بينهم شرّا لقوله- صلى الله عليه وسلم-: «الحرب خدعة» «١» فاختلفت كلمتهم.

وروى الحاكم عن حذيفة قال: لقد رأيتنا ليلة الأحزاب وأبو سفيان ومن معه من فوقنا، وقريظة أسفل منا نخافهم على ذرارينا، وما أتت علينا ليلة أشد ظلمة ولا ريحا منها، فجعل المنافقون يستأذنون ويقولون بيوتنا عورة، فمر بي النبى- صلى الله عليه وسلم- وأنا جاث على ركبتى، ولم يبق معه إلا ثلاثمائة فقال:

اذهب فائتنى بخبر القوم، ودعا لى، فأذهب الله عنى القر والفزع، فدخلت عسكرهم فإذا الريح فيه لا تجاوز شبرا، فلما رجعت رأيت فوارس فى طريقى فقالوا: أخبر صاحبك أن الله كفاه القوم.

وفى رواية: أن حذيفة لما أرسله- صلى الله عليه وسلم- ليأتيه بالخبر سمع أبا سفيان يقول: يا معشر قريش، إنكم والله ما أصبحتم بدار مقام، ولقد هلك الخف والكراع، واختلفنا وبنو قريظة، ولقينا من هذا الريح ما ترون فارتحلوا فإنى مرتحل ووثب على جمله فما حل عقال يده إلا وهو قائم.

ووقع فى البخارى أنه- صلى الله عليه وسلم- قال يوم الأحزاب: «من يأتينا بخبر القوم» فقال الزبير: أنا، فقال: «من يأتينا بخبر القوم» ، فقال الزبير: أنا، فقال: «من يأتينا بخبر القوم؟» قالها ثلاثا «٢» .

وقد استشكل ذكر الزبير فى هذه.


(١) صحيح: أخرجه البخارى (٣٠٣٠) فى الجهاد والسير، باب: الحرب خدعة، ومسلم (١٧٣٩) فى الجهاد والسير، باب: جواز الخداع فى الحرب، من حديث جابر- رضى الله عنه-، وفى الباب من حديث أبى هريرة فى الصحيحين أيضا.
(٢) صحيح: أخرجه البخارى (٢٨٤٦) فى الجهاد والسير، باب: فضل الطليعة، ومسلم (٢٤١٥) فى فضائل الصحابة، باب: من فضائل طلحة والزبير- رضى الله عنهما-، من حديث جابر- رضى الله عنه-.