للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والخمر فى الأصل مصدر خمره: إذا ستره، سمى به عصير العنب إذا اشتد وغلا كأنه يخمر العقل، كما يسمى مسكرا لأنه يسكره، أى يحجره.

وهى حرام مطلقا، وكذا كل ما أسكر عند أكثر العلماء. وقال أبو حنيفة: نقيع الزبيب والتمر إذا طبخ حتى يذهب ثلثاه ثم اشتد حل شربه ما دون السكر انتهى.

وأما الحشيشة وتسمى القنب الهندى والحيدرية والقلندرية فلم يتكلم فيها الأئمة الأربعة ولا غيرهم من علماء السلف، لأنها لم تكن فى زمنهم، وإنما ظهرت فى أواخر المائة السادسة وأول السابعة.

واختلف هل هى مسكرة فيجب فيها الحد، أو مفسدة للعقل فيجب التعزير، والذى أجمع عليه الأطباء أنها مسكرة، وبه جزم الفقهاء وصرح به الشيخ أبو إسحاق الشيرازى فى كتاب التذكرة فى الخلاف، والنووى فى شرح المهذب، ولا نعرف فيه خلافا عندنا.

ونقل عن ابن تيمية أنه قال: الصحيح أنها مسكرة كالشراب، فإن أكلتها ينشون عنها ولذلك يتناولونها بخلاف البنج وغيره فإنه لا ينشى ولا يشتهى.

قال الزركشى: ولم أر من خالف فى هذا إلا القرافى فى قواعده فقال:

نص العلماء بالنبات فى كتبهم أنها مسكرة، والذى يظهر لى أنها مفسدة. فى كلام تعقبه الزركشى يطول ذكره.

وقد تضافرت الأدلة على حرمتها: ففى صحيح مسلم «كل مسكر حرام» «١» وقد قال تعالى: وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبائِثَ «٢» . وأى خبيث أعظم مما يفسد العقول التى اتفقت الملل والشرائع على إيجاب حفظها. ولا ريب أن متناول الحشيشة يظهر به أثر التغير فى انتظام الفعل والقول المستمد كماله من


(١) صحيح: أخرجه البخارى (٦١٢٤) فى الأدب، باب: قول النبى- صلى الله عليه وسلم-: «يسروا ولا تعسروا» ، ومسلم (١٧٣٣) فى الأشربة، باب: بيان أن كل مسكر خمر، وأن كل خمر حرام، من حديث أبى موسى الأشعرى- رضى الله عنه-.
(٢) سورة الأعراف: ١٥٧.