للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نور العقل. وقد روى أبو داود- بإسناد حسن- عن ديلم الحميرى قال: سألت رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فقلت: يا رسول الله، إنا بأرض باردة نعالج فيها عملا شديدا وإنا نتخذ شرابا من هذا القمح نتقوى به على أعمالنا وعلى برد بلادنا، قال: فهل يسكر؟ قلت: نعم، قال: فاجتنبوه، قلت: فإن الناس غير تاركيه، قال: فإن لم يتركوه فقاتلوهم) «١» .

وهذا منه- صلى الله عليه وسلم- تنبيه على العلة التى لأجلها حرم المزر. فوجب أن كل شىء عمل عمله يجب تحريمه، ولا شك أن الحشيشة تعمل ذلك وفوقه.

وروى أحمد فى مسنده وأبو داود فى سننه عن أم سلمة قالت: نهى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- عن كل مسكر ومفتر) «٢» .

قال العلماء: المفتر كل ما يورق الفتور والخدر فى الأطراف. وهذا الحديث أدل دليل على تحريم الحشيشة وغيرها من المخدرات، فإنها إن لم تكن، مسكرة كانت مفترة، ولذلك يكثر النوم من متعاطيها، وتثقل رؤسهم بواسطة تبخيرها فى الدماغ.

وقد نقل الإجماع على تحريمها غير واحد، منهم القرافى وابن تيمية وقال: إن من استحلها فقد كفر.

وتعقبه الزركشى: بأن تحريمها ليس معلوما من الدين بالضرورة، سلمنا ذلك، لكن لا بد أن يكون دليل الإجماع قطعيّا على أحد الوجهين، وقد ذكر أصحابنا أن المسكر من غير عصير العنب، كعصير العنب فى وجوب الحد، لكن لا يكفر مستحله لاختلاف العلماء فيه.


(١) صحيح: أخرجه أبو داود (٣٦٨٣) فى الأشربة، باب: النهى عن المسكر، وأحمد فى «مسنده» (٤/ ٢٣١ و ٢٣٢) ، والبيهقى فى الكبرى (٨/ ٢٩٢) ، والحديث صححه الشيخ الألبانى فى «صحيح سنن أبى داود» .
(٢) ضعيف: أخرجه أبو داود (٣٦٨٦) فى الأشربة، باب: النهى عن المسكر، وأحمد فى «مسنده» (٦/ ٣٠٩) ، والبيهقى فى «الكبرى» (٨/ ٢٩٦) ، بسند فيه شهر بن حوشب، وهو مختلف فيه.