فقال النووى فى شرح المهذب إنه لا يحرم أكل القليل الذى لا يسكر من الحشيش، بخلاف الخمر، حيث حرم قليلها الذى لا يسكر. والفرق أن الحشيش طاهر والخمر نجس فلا يجوز شرب قليله للنجاسة.
وتعقبه الزركشى بأنه صح فى الحديث:«ما أسكر كثيره فقليله حرام»«١» ، قال: والمتجه أنه لا يجوز من الحشيش لا قليل ولا كثير.
وأما قول النووى: إنها طاهرة وليست بنجسه، فقطع به ابن دقيق العيد وحكى الإجماع عليه. قال: والأفيون وهو لبن الخشخاش، أقوى فعلا من الحشيش، لأن القليل منه يسكر جدّا، وكذلك السيكران وجوز الطيب مع أنه طاهر بالإجماع. انتهى.
وقد جمع بعضهم فى الحشيشة مائة وعشرين مضرة دينية وبدنية، حتى قال بعضهم كل ما فى الخمر من المذمومات موجود فى الحشيش وزيادة. فإن أكثر ضرر الخمر فى الدين لا فى البدن. وضررها فيهما.
فمن ذلك: فساد العقل، وعدم المروءة، وكشف العورة، وترك الصلوات، والوقوع فى المحرمات، وقطع النسل، والبرص والجذام والأسقام والرعشة والأبنة، ونتن الفم وسقوط شعر الأجفان، وحفر الأسنان وتسويدها، وتضييق النفس وتصفير الألوان، وتنقيب الكبد، وتجعل الأسد كالجعل، وتورث الكسل والفشل، وتعيد العزيز ذليلا، والصحيح عليلا، والفصيح أبكما، والصحيح أبلما، وتذهب السعادة وتنسى الشهادة، فصاحبها بعيد عن السنة طريد عن الجنة، موعود من الله باللعنة إلا أن يقرع من الندم سنه ويحسن بالله ظنه. ولقد أحسن القائل:
(١) صحيح: أخرجه أبو داود (٣٦٨١) فى الأشربة، باب: النهى عن المسكر، والترمذى (١٨٦٥) فى الأشربة، باب: ما أسكر كثيره فقليله حرام، وابن ماجه (٣٣٩٣) فى الأشربة، باب: ما أسكر كثيره فقليله حرام، وأحمد فى «مسنده» (٣/ ٣٤٣) ، من حديث جابر بن عبد الله- رضى الله عنهما-، والحديث صححه الشيخ الألبانى فى «صحيح سنن أبى داود» .