للبارى سبحانه: فديتك، لأن ذلك إنما يستعمل فى مكروه يتوقع حلوله بالشخص، فيختار شخص آخر أن يحل ذلك به ويفديه منه. قال: ولعل هذا وقع من غير قصد إلى حقيقة معناه، كما يقال: قاتله الله، ولا يريد بذلك حقيقة الدعاء عليه، وكقوله- عليه السّلام-: تربت يداك، وتربت يمينك، وفيه كله ضرب من الاستعارة لأن المفادى مبالغ فى طلب رضا المفدى حين بذل نفسه عن نفسه للمكروه، فكان مراد الشاعر: أى أبذل نفسى فى رضاك. وعلى كل حال فإن المعنى وإن أمكن صرفه إلى جهة صحيحة فإطلاق اللفظ واستعارته والتجوز فيه يفتقر إلى ورود الشرع بالإذن فيه.
قال: وقد يكون المراد بقوله: «فداء لك» رجلا يخاطبه، وفصل بين الكلام بذلك، ثم عاد إلى الأول فقال: ما اتقينا. وهذا تأويل يصح معه اللفظ والمعنى لولا أن فيه تعسفا اضطرنا إليه تصحيح الكلام. انتهى.
وقيل: إنه يخاطب بهذا الشعر النبى- صلى الله عليه وسلم-. والمعنى: لا تؤاخذنا بتقصيرنا فى حقك ونصرك. وعلى هذا فقوله:«اللهم» لم يقصد بها الدعاء وإنما افتتح بها الكلام.
والمخاطب بقول الشاعر:«لولا أنت» ، النبى، لكن يعكر عليه بعد ذلك:
فأنزلن سكينة علينا ... وثبت الأقدام إن لاقينا
فإنه دعاء لله تعالى.
ويحتمل أن يكون المعنى فاسأل ربك أن ينزل ويثبت والله أعلم.
وقوله:«إذا صيح بنا أتينا» أى إذا صيح بنا للقتال ونحوه من المكاره أتينا ولم نتأخر عنه. وفى رواية أيضا بالموحدة بدل المثناة، أى أبينا الفرار.
وقوله:«وبالصياح عولوا علينا» أى استعانوا بنا واستفزعونا للقتال. قيل: هو من التعويل على الشىء وهو الاعتماد عليه، وقيل: هو من العويل، وهو الصوت.