وقوله:«من هذا السائق؟ قالوا: عامر، قال: يرحمه الله، قال رجل من القوم وجبت» : أى ثبتت له الشهادة وستقع قريبا، وكان معلوما عندهم أن من دعا له النبى- صلى الله عليه وسلم- هذا الدعاء فى هذا الموطن استشهد، فقالوا: هلا أمتعتنا به؟ أى: وددنا أنك أخرت الدعاء له بهذا إلى وقت آخر لنتمتع بمصاحبته ورؤيته مدة.
وفى البخارى من حديث أنس أنه- صلى الله عليه وسلم- أتى خيبر ليلا- وكان إذا أتى قوما بليل لم يقربهم حتى يصبح- فلما أصبح خرجت اليهود بمساحيهم ومكاتلهم، فلما رأوه قالوا: محمد والله، محمد والخميس، فقال النبى صلى الله عليه وسلم-: «خربت خيبر، إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين»«١» .
وفى رواية: فرفع يديه وقال الله أكبر خربت خيبر.
والخميس: الجيش: سمى به لأنه مقسوم بخمسة أقسام: المقدمة والساقة والميمنة والميسرة والقلب.
ومحمد: خبر مبتدأ، أى هذا محمد.
قال السهيلى: يؤخذ من هذا الحديث التفاؤل، لأنه- صلى الله عليه وسلم- لما رأى آلة الهدم عرف أن مدينتهم ستخرب، انتهى.
ويحتمل- كما قاله فى فتح البارى- أن يكون قال:«خربت خيبر» بطريق الوحى، ويؤيده قوله بعد ذلك:«إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين» .
وفى رواية: أنه- صلى الله عليه وسلم- صلى الصبح قريبا من خيبر بغلس ثم قال: الله أكبر خربت خيبر إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين.
وقال مغلطاى وغيره: وفرق- صلى الله عليه وسلم- الرايات، ولم تكن الرايات إلا بخيبر، وإنما كانت الألوية.
(١) صحيح: أخرجه البخارى (٣٧١) فى الصلاة، باب: ما يذكر فى الفخذ، وأطرافه (٦١٠ و ٩٤٧ و ٣٦٤٧ و ٣٩٤٤ و ٣٩٤٥ و ٤١٩٧ و ٤١٩٨ و ٤٢٠٠) ، ومسلم (١٣٦٥) فى النكاح، باب: فضيلة إعتاق الأمة ثم يتزوجها، وفى الجهاد والسير، باب: غزوة خيبر.