للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال ابن أبى جمرة: الدليل على الجواز مطلقا واضح، لكن سبب كراهة مالك لأكلها لكونها تستعمل غالبا فى الجهاد، فلو انتفت الكراهة لكثر استعماله، ولو كثر استعماله لأفضى إلى فنائها، فيؤول إلى النقص من إرهاب العدو الذى وقع الأمر به فى قوله تعالى: وَمِنْ رِباطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ «١» . فعلى هذا فالكراهة لسبب خارج، وليس البحث فيه، فإن الحيوان المتفق على إباحته لو حدث أمر يقتضى أن لو ذبح لأفضى إلى ارتكاب محذور لامتنع، ولا يلزم من ذلك القول بتحريمه. انتهى.

وأما قول بعض المانعين: لو كانت حلالا لجازت الأضحية بها.

فمنتقض بحيوان البر، فإنه مأكول ولم تشرع الأضحية به. وأما حديث خالد ابن الوليد عند أبى داود والنسائى: نهى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- عن لحوم الخيل والبغال والحمير «٢» ، فضعيف، ولو سلم ثبوته، لا ينهض معارضا لحديث جابر الدال على الجواز، وقد وافقه حديث أسماء. وقد ضعف حديث خالد ابن الوليد أحمد والبخارى والدار قطنى والخطابى وابن عبد البر وعبد الحق وآخرون.

وزعم بعضهم: أن حديث جابر دال على التحريم لقوله «رخص» لأن الرخصة استباحة المحظور مع قيام المانع، فدل على أنه رخص لهم بسبب المخمصة التى أصابتهم بخيبر، فلا يدل ذلك على الحل المطلق.

وأجيب: بأن أكثر الروايات جاء بلفظ الإذن، كما رواه مسلم، وفى رواية له: أكلنا زمن خيبر الخيل وحمر الوحش، ونهانا النبى- صلى الله عليه وسلم- عن الحمار الأهلى وعند الدار قطنى من حديث ابن عباس: نهانا- صلى الله عليه وسلم- عن الحمر الأهلية وأمر بلحوم الخيل «٣» فدل على أن المراد بقوله: «رخص» أذن.


(١) سورة الأنفال: ٦٠.
(٢) ضعيف: أخرجه أبو داود (٣٧٩٠) فى الأطعمة، باب: فى أكل لحوم الخيل، والنسائى (٧/ ٢٠٢) فى الصيد والذبائح، باب: تحريم أكل لحوم الخيل، وابن ماجه (٣١٩٨) فى الذبائح، باب: لحوم البغال، والحديث ضعفه الشيخ الألبانى فى «ضعيف سنن أبى داود» .
(٣) أخرجه الدار قطنى فى «سننه» (٤/ ٢٩٠) .