المذكورة فى الصحيحين حين خاطبت راكبها فقالت لم أخلق لهذا وإنما خلقت للحرث «١» ، فإنه مع كونه أصرح فى الحصر، ما يقصد به إلا الأغلب، وإلا فهى تؤكد وينتفع بها فى أشياء غير الحرث اتفاقا.
وقال البيضاوى: واستدل بها أى باية النحل [٨]- على حرمة لحومها، ولا دليل فيها، إذ لا يلزم من تعليل الفعل بما يقصد منه غالبا ألايقصد منه غيره أصلا. انتهى.
وأيضا: فلو سلم الاستدلال للزم منع حمل الأثقال على الخيل والبغال والحمير ولا قائل به. وأما عطف البغال والحمير، فدلالة العطف إنما هى دلالة اقتران وهى ضعيفة.
وأما أنها سيقت مساق الامتنان إنما قصد به غالب ما كان يقع به انتفاعهم بالخيل، فخوطبوا بما ألفوا وعرفوا، ولم يكونوا يعرفون أكل الخيل لعزتهم فى بلادهم، بخلاف الأنعام، فإن أكثر انتفاعهم بها أكثر لحمل الأثقال والأكل، فاقتصر فى كل من الصنفين على الامتنان بأغلب ما ينتفع به، فلو لزم من ذلك الحصر فى هذا الشق لأضر.
وأما قولهم: لو أبيح أكلها لفاتت المنفعة بها إلخ.
فأجيب عنه: بأنه لو لزم من الإذن فى أكلها أن تفنى، للزم مثله فى البقر وغيرها مما أبيح أكله ووقع الامتنان به.
وإنما أطلت فى ذلك لأمر اقتضاه، والله أعلم.
وفى هذه الغزوة أيضا نهى- صلى الله عليه وسلم- عن أكل كل ذى ناب من السباع، وعن بيع المغانم حتى تقسم، وألاتوطأ جارية حتى تستبرأ.
وفى هذه الغزوة أيضا سمت النبى- صلى الله عليه وسلم- زينب بنت الحارث، امرأة
(١) صحيح: أخرجه البخارى (٢٣٢٤) فى المزارعة، باب: استعمال البقرة للحراثة، ومسلم (٢٣٨٨) فى فضائل الصحابة، باب: من فضائل أبى بكر الصديق- رضى الله عنه-، من حديث أبى هريرة- رضى الله عنه-.