للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

صلى رسول الله- صلى الله عليه وسلم-، فقال: اجعل بينك وبين الجدار ذراعين أو ثلاثة، فعلى هذا ينبغى لمن أراد الاتباع فى ذلك أن يجعل بينه وبين الجدار ثلاثة أذرع، فإنه تقع قدماه فى مكان قدميه- صلى الله عليه وسلم- إن كانت ثلاثة سواء، أو تقع ركبتاه أو يداه أو وجهه إن كان أقل من من ثلاثة أذرع والله أعلم.

وفى رواية عن ابن عباس قال: أخبرنى أسامة أنه- صلى الله عليه وسلم- لما دخل البيت دعا فى نواحيه كلها ولم يصل فيه حتى خرج، فلما خرج ركع فى قبل البيت ركعتين وقال: «هذه القبلة» «١» رواه مسلم.

والجمع بينه وبين حديث ابن عمر، أن أسامة أخبره أن النبى- صلى الله عليه وسلم- صلى فى الكعبة كما رواه أحمد والطبرانى: بأن أسامة حيث أثبتها اعتمد فى ذلك على غيره وحيث نفاها أراد ما فى علمه لكونه لم يره حين صلى، ويكون ابن عمر ابتدأ بلالا بالسوال ثم أراد زيادة الاستثبات فى مكان الصلاة، فسأل أسامة أيضا.

قال النووى: وقد أجمع أهل الحديث على الأخذ برواية بلال لأنه مثبت فمعه زيادة علم، فوجب ترجيحه. قال: وأما نفى أسامة فيشبه أنهم لما دخلوا الكعبة أغلقوا الباب واشتغلوا بالدعاء، فرأى أسامة النبى- صلى الله عليه وسلم- يدعو ثم اشتغل أسامة فى ناحية من نواحى البيت والنبى- صلى الله عليه وسلم- فى ناحية أخرى، وبلال قريب منه، ثم صلى النبى- صلى الله عليه وسلم- فرآه بلال لقربه منه ولم يره أسامة لبعده واشتغاله بالدعاء، وكانت صلاته- عليه السّلام- خفيفة فلم يرها أسامة لإغلاق الباب مع بعده واشتغاله بالدعاء، وجاز له نفيها عملا بظنه، وأما بلال فتحققها وأخبر بها. انتهى.

وتعقبوه بما يطول ذكره. وأقرب ما قيل فى الجمع: أنه- صلى الله عليه وسلم- صلى فى الكعبة لما غاب عنه أسامة من الكعبة لأمر ندبه إليه، وهو أن يأتى بماء يمحو به الصور التى كانت فى الكعبة، فأثبت الصلاة بلال لرؤيته لها ونفاها


(١) صحيح: أخرجه البخارى (٣٩٨) فى الصلاة، باب: قول الله تعالى وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقامِ إِبْراهِيمَ مُصَلًّى، ومسلم (١٣٣٠) فى الحج، باب: استحباب دخول الكعبة للحاج وغيره.