للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الله- صلى الله عليه وسلم- فنظر إلى قتالهم فقال: الآن حمى الوطيس، وهو التنور يخبز فيه، يضرب مثلا لشدة الحرب الذى يشبه حرها حره. وهذه من فصيح الكلام الذى لم يسمع من أحد قبل النبى- صلى الله عليه وسلم-.

وتناول- صلى الله عليه وسلم- حصيات من الأرض ثم قال: «شاهت الوجوه» - أى قبحت- ورمى بها فى وجوه المشركين، فما خلق الله منهم إنسانا إلا ملأ عينيه من تلك القبضة «١» .

وفى رواية لمسلم: قبضة من تراب الأرض «٢» . فيحتمل أنه رمى بذا مرة وبذا مرة أخرى. ويحتمل أن يكون أخذ قبضة واحدة مخلوطة من حصى وتراب.

ولأحمد وأبى داود والدارمى، من حديث أبى عبد الرحمن الفهرى فى قصة حنين قال: فولى المسلمون مدبرين كما قال الله تعالى، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم-: «أنا عبد الله ورسوله» ، ثم اقتحم عن فرسه، فأخذ كفّا من تراب.

قال: فأخبرنى الذى كان أدنى إليه منى أنه ضرب وجوههم وقال: «شاهدت الوجوه فهزمهم الله» . قال يعلى بن عطاء راوية عن أبى همام عن أبى عبد الرحمن الفهرى فحدثنى أبناؤهم عن آبائهم أنهم قالوا: لم يبق منا أحد إلا امتلأت عيناه وفمه ترابا وسمعنا صلصلة من السماء كإمرار الحديد على الطست الجديد «٣» - بالجيم-.

قال فى النهاية: وصف الطست وهى مؤنثة بالجديد وهو مذكر، إما لأن تأنيثها غير حقيقى فأوله على الإناء والظرف، أو لأن فعيلا يوصف به المؤنث بلا علامة تأنيث كما يوصف به المذكر، نحو امرأة قتيل. انتهى.


(١) صحيح: أخرجه مسلم (١٧٧٥) فى الجهاد والسير، باب: فى غزوة حنين، وأحمد فى «مسنده» (١/ ٢٠٧) ، وابن حبان فى «صحيحه» (٧٠٤٩) .
(٢) صحيح: أخرجه مسلم (١٧٧٧) فى الجهاد، باب: فى غزوة حنين، من حديث سلمة بن الأكوع- رضى الله عنه-.
(٣) حسن: أخرجه أبو داود (٥٢٣٣) فى الأدب، باب: فى الرجل ينادى الرجل فيقول لبيك، والدارمى فى «سننه» (٢٤٥٢) ، وأحمد فى «مسنده» (٥/ ٢٨٦) ، والحديث حسنه الشيخ الألبانى فى «صحيح سنن أبى داود» .